قائمة الإمارات نموذج يحتذى

ت + ت - الحجم الطبيعي

قائمة الجماعات التي صنفتها دولة الإمارات العربية المتحدة جماعات إرهابية، هي نموذج صارم وجاد في مجابهة الإرهاب، يجب أن يحتذى في كل دول العالم الجادة التي تتبنى سياسة «زيرو توليرنس» أو المواجهة الحاسمة تجاه جماعات العنف والتطرف.

أي دولة تستطيع أن تضع قائمة لجماعات الجريمة المنظمة التي تشبه المافيا، ولكن الموقف الإماراتي مختلف لأن صيغة الدولة وقرارات من يحكمون فيها، تنحاز بوضوح لفكرة الدولة المدنية المتحضرة، التي ترى أن الجريمة سواء تسربلت برداء الدين أو أي غطاء آخر، فهي جريمة تقطع أوصال المجتمعات وفي النهاية تؤدي إلى تفكك نسيج الدولة.

والدول التي تغازل المتطرفين تفعل هذا نتيجة لنقص في الشرعية، أما في حالة الإمارات فالشرعية الاتحادية تجمع الجميع ولا خوف، لذا جاء وضوح الرؤية السياسية. كما أن في الإمارات قادة أيديهم غير مرتعشة ويمسكون دفة قارب الحكم بثبات. فقط انظر كم جنسية ودينا تتعايش في الإمارات، في إطار قوانين تطبق على الجميع.

«لستة» الإمارات ليست مجرد لستة، ولكن الدولة الإماراتية بدأت أولا بتغيير البيئة المنتجة أو الحاضنة لجماعات العنف والتطرف، فغيرت مناهج التعليم ونوعية الكتب، ولم تترك مجالا تنمو فيه ثقافة التطرف.

كما أن السياسة البنكية والمالية تعمل على تجفيف منابع الدعم المالي لهذه الجماعات، سواء من الإمارات أو خارجها. إذن، نحن نتحدث عن ملامح سياسة متكاملة، لدولة تعمل على تقليم أظافر الإرهاب على محاور عدة. بالطبع في عالمنا العربي الذي تلوثت فيه مياه السياسة، تختلط الأوراق.

فهناك من ممثلي جماعات العنف في عالم التواصل الاجتماعي، مَن خلط بين حظر الإمارات لجماعة مثل جماعة القرضاوي المسماة علماء المسلمين، وبين الإسلام نفسه، فصَور الإمارات التي تحارب التطرف والعنف، وكأنها ضد الإسلام! هذا التزوير من سمات أدبيات الجماعات المتطرفة ومن لف لفها، ومع ذلك فمن السذاجة ألا نقول إن لهؤلاء أتباعا ومنابر إعلامية نصبت نفسها راعية لجماعات العنف.

لكن شتان بين حقيقة صرامة الموقف الإماراتي من جماعات الإرهاب، وبين تزوير الحقائق الذي تمارسه المنابر الإعلامية لجماعات العنف. موقف الإمارات من جماعات التطرف وقائمة الـ84 منظمة إرهابية، يجب أن يكون مثالا يحتذى من كل الدول، وخصوصا في البلاد المستهدفة من جماعات التطرف، وأولها مصر. لماذا يجب أن نقتدي بالسياسة الإماراتية في مواجهة الإرهاب؟

بداية، لكي نقضي على الإرهاب مطلوب ثلاثة عناصر أساسية: أولا، تعقب منظمات جماعات العنف، وثانيا، التعامل بحزم مع الدول الراعية أو الحاضنة لجماعات العنف، ثم ثالثا، تغيير المناخ أو البيئة الثقافية والاجتماعية التي تجد فيها جماعات الإرهاب أرضا خصبة لنمو أفكارها المريضة.

النقطة الثانية والأهم هي تبني سياسة zero tolerance، أو المواجهة الحاسمة التي لا تعرف سياسة الباب الموارب من نوعية الكلام المتداول في مصر، والذي يقول بأن جماعة الإخوان يمكن أن تمارس السياسة لو نبذت العنف، رغم أننا جميعا نعرف أن العنف مكون أساسي للجماعة، ولو توقف العنف لما أصبحت جماعة الإخوان ولتغيرت هويتها وعقيدتها.

إذن، الحالمون بأن جماعة الإخوان تنبذ العنف لا يعرفون جماعة الإخوان. والنقطة الثالثة هي تسخير أدوات الدولة لتنفيذ هذه السياسة التي تجابه الجماعات المتطرفة. أما النقطة الرابعة فهي وجود قيادات تؤمن بمدنية الدولة التي لا تخلط بين الدين كأساس للمجال الخاص، وبين ممارسة السياسة في المجال العام.

إن إدخال المدنس في المقدس، يدنس الدين أكثر مما يفسد المقدسُ السياسة. أتمنى أن تتبنى المنظمات الإقليمية والعالمية، مثل الجامعة العربية والأمم المتحدة، قائمة الإرهاب التي أعلنتها دولة الإمارات، وتجعلها لستة عالمية تتعاون عليها الدول لمجابهة الإرهاب كل في دولته وكل في محيطه.

ومصر خصوصا كشريك للإمارات في مواجهة التطرف، عليها تبني هذه القائمة وتجريم وجود كل هذه الجماعات أو أي منها في مصر. فمثلا من العيب أن تكون القاهرة هي مقر جماعة القرضاوي المعروفة لعلماء المسلمين، في بلد فيه الأزهر الذي يخرج العلماء بالعشرات كل عام.

علينا جميعا، خصوصا من يؤمنون بمدنية الدولة، أن ندعم الإمارات في مواجهتها مع جماعات التطرف، ونثمن التصميم والإرادة لقادة هذه الدولة في المواجهة الصريحة مع جماعات العنف. آن الأوان لوقفة جادة وصارمة ضد الإرهاب، وما قامت به الإمارات يستحق التأييد والدعم منا جميعا.

 

Email