لا نريد أن نصل المريخ وحدنا

ت + ت - الحجم الطبيعي

تشكل الإمارات نموذجاً فريداً استطاع أن يحقق العديد من الإنجازات في جميع المجالات، وقد أشاد العالم بالنموذج الإماراتي في تقاريره ومؤشراته، ما يؤكد كفاءة هذا النموذج وقدرته على التكيف مع المتغيرات والتطورات.

وتستمر المسيرة بقيادة رشيدة تملك رؤية للمستقبل، وتسعى لبناء دولة حديثة وتحقيق رغبات وتطلعات شعبها، وتتسارع الخطى بإطلاق مبادرات ومشروعات جديدة، من استضافة إكسبو 2020، إلى العصف الذهني الإماراتي، ومبادرة دبي الذكية، ومؤشرات السعادة.. وغيرها من المبادرات الداعمة للجهود الإماراتية نحو تحقيق الخطة الاستراتيجية 2021.

لقد حذفت قيادتنا الرشيدة المستحيل من قاموس دولتنا، وارتفع سقف الطموح ليصل إلى النجوم، بإعلان الإمارات تأسيس وكالة للفضاء، وإطلاق مشروع أول مسبار عربي إلى المريخ، حيث يحقق هذا المشروع العديد من الأهداف المعنوية التي تسبق المادية. فالطموح الإماراتي أصبح لا حدود له، تصديقاً لمقولة المتنبي: «إذا غامرت في شرفٍ مروم، فلا تقنع بما دون النجوم».

ولكن لنقف قليلاً ونلقي نظرة على واقعنا العربي المرير بكل تعقيداته، لنجد دولاً تتأرجح في طريق التنمية مع ارتفاع سقف مطالبات وتطلعات شعوبها، ودولاً تبحث عن الأمن والاستقرار، بينما أصبحت عدة دول مقراً للجماعات المسلحة والإرهاب المتصاعد. لذا فعجلة التنمية نجدها متأرجحة في بعض أجزاء الوطن العربي، وتكاد تكون متوقفة أو عكسية في أجزاء واسعة منه.

ورغم الواقع العربي المؤلم، فمن حقنا أن نحلم، ومن حقنا أن نرفع مستوى طموحاتنا لتصل إلى النجوم، فالتاريخ يقف شاهداً على ما قدمته الحضارة العربية والإسلامية للبشرية من موروث علمي وثقافي جليل، لذا فإن مشروع المريخ يعتبر رسالة أمل للوطن العربي، بل تعتبر الإمارات بإنجازاتها نبراساً للأمل نحو التنمية الشاملة وتحقيق تطلعات الشعوب العربية، وليس من المستحيل تكرار الإنجازات الإماراتية في الدول العربية، أو تحويل مدن عربية إلى دبي أخرى.

لقد أكدت حكومة الإمارات التزامها الدائم بدعم الشعوب العربية في كافة المجالات، فالدعم الإماراتي كان دائما حاضراً سياسياً ومادياً في جميع المحن والأزمات التي مر بها الوطن العربي، ولن تتوانى الإمارات عن الدعم التنموي أو نقل تجاربها الناجحة وأفضل الممارسات فيها للوطن العربي.

ونجد هذا النهج واضحاً في توجهات قيادتنا الحكيمة، حيث يقول صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد في مقدمة كتابه «رؤيتي»: «كل الإنجازات التي تحققت في الإمارات إنجازات للعرب جميعاً وكل مشاريع دبي للعرب جميعاً، وهذه كل تجاربنا وخبراتنا نضعها بين أيديهم يختارون منها ما يشاؤون، وفوقها التزامنا الأخوي بتقديم كل العون الذي نستطيع تقديمه لمساعدتهم على تحقيقها».

باستطاعة الإمارات أن تقدم الكثير للوطن العربي، فالإمارات تملك نموذجاً وفكراً قيادياً ناجحاً، ومنظومة فاعلة للإدارة وتقديم الخدمات الحكومية، ومؤسسات حكومية رائدة مبنية على أسس التميز المؤسسي، ورصيداً من التجارب والممارسات الناجحة في التميز والإبداع الحكومي.

كما أن الوطن العربي يستطيع أن يقدم الكثير، فلا يفتقر الوطن العربي إلى العقول والكفاءات والموارد البشرية التي تعد حجر الأساس للتنمية، لذا ترتفع الحاجة لإيجاد منظومة مثالية لإدارة ونقل المعرفة في الوطن العربي، تشتمل على قنوات متعددة وواضحة لنقل التجارب وأفضل الممارسات.

 وبعد كل ذلك أتساءل؛ هل يستمر الطموح الإماراتي منفصلاً عن الواقع العربي المحيط به؟ هل ستستمر الفجوة بيننا وبين أشقائنا في الاتساع؟ هل سنصل إلى المريخ وحدنا؟ من الصعب أن نسلك الطريق وحدنا أو أن نتناسى روابطنا العربية، وقد قالها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد بالأمس وهو يدشن مشروع المسبار إلى المريخ «ونقولها لأبناء منطقتنا.. شاركونا بناء تاريخ جديد لأمتنا».

Email