النساء أولا

ت + ت - الحجم الطبيعي

مقولة أجنبية معروفة لتقديم النساء قبل الرجال في المناسبات المختلفة، واللطيف أنه حتى في المناسبات الصحية العالمية تم اعتماد شهر أكتوبر لصحة النساء ونوفمبر لصحة الرجال! ففي خريف عام 1991 قررت مؤسسة «سوزان كومن» توزيع شرائط وردية على المشاركين في سباق في مدينة نيويورك، للناجين من الإصابة بسرطان الثدي..

وبحلول عام 1992 اعتمد الشريط الوردي كرمز رسمي لشهر أكتوبر، الشهر العالمي للتوعية حول سرطان الثدي. ومنذ ذلك الحين استطاع الشريط الوردي كسر العديد من الحواجز النفسية تجاه المرض، في أنحاء العالم المختلفة.

بحوث كثيرة قامت بها المراكز العلمية على مر السنين، لمعرفة سبب حدوث سرطان الثدي. توصلت مجموعة منها إلى أن بعض النساء تكون لديهن قابلية وراثية، أما مجموعة أخرى فاكتشفت وجود عوامل خطورة حياتية تزيد من نسبة الإصابة، حتى لو كانت لديهن جينات سليمة. وهنا مربط الفرس، فعوامل الخطورة التي سأذكرها بعد قليل، معظمها إن لم نقل جميعها موجودة عند النساء في الدولة.

التدخين.. لن أدخل في سرد آثار التدخين المختلفة، فقد جفت الأقلام في الكتابة عنه، لكن ارتباطه بسرطان الثدي من جهة وازدياد عدد النساء المدخنات لأنواع التبغ المختلفة من سجائر وشيشة من جهة أخرى، هو ناقوس خطر لأجيال المستقبل.

وقلة ممارسة الرياضة تحدٍ آخر، وعامل خطورة لم أكن أتوقع شخصياً أن يزيد من حدوث المرض. صحيح أنه في الفترة الأخيرة قام عدد أكبر من النساء بالاشتراك في الأندية المختلفة ومسابقات الجري واللياقة، لكن الجو العام وخصوصاً إذا ذهبنا لمدارس الإناث، نرى العجب العجاب من جعل حصة الرياضة تحصيل حاصل. أما حركة النساء في البيوت فمع وجود الخدم.. لا تعليق.

عامل خطورة ثالث هو السمنة.. نتيجة طبيعية لقلة الحركة وخيارات الأكل الغريبة العجيبة. ولا ننسى دور العمل المكتبي وخدمة مواقف «الفالي» وتوصيل المنازل، وإحضار الشاي «الكرك» للسيارة، ما جعل أجسامنا تمقت الحركة وتكتنز الدهون في كل عضو.

إنجاب الأطفال في سن متأخر مع الاستطاعة، رابع هذه العوامل. فقد لاحظ الكثير من الدراسات زيادة الإصابة بسرطان الثدي عند هذه الفئة من النساء. خامس عوامل الخطورة هو عدم الاعتماد على الرضاعة الطبيعية، فقد بين معظم الدراسات أن الرضاعة الطبيعية لمدة سنة على الأقل، تقلل من نسبة اختلال خلايا الثدي...

والعكس صحيح. لن أدخل في مسببات ابتعاد النساء عن الرضاعة الطبيعية في مجتمعنا، لكن لو فكرت كل واحدة في حكمة رب العالمين من إيجاد هذا العضو لكفى. سيكون رد فعل معظم النساء أن جميع ما ذكر من العوامل لا يمكن تفاديه في عصرنا الحاضر..

ويجب أن نكون واقعيين في طرح الحلول لاحتواء هذا السرطان الناعم والوقاية منه! الحل هو في الالتزام ببرامج الكشف المبكر لسرطان الثدي، وهنا أشيد بدور الجهات المختلفة في أرجاء الدولة لما يقومون به من جهود جبارة في نشر الوعي وتمكين النساء من الفحص المبكر، ليس في شهر أكتوبر فقط بل على مدار السنة.

ولكي تعم الفائدة أكبر شريحة في المجتمع ويتم التعامل مع هذا المرض الخبيث بكل ثقة من قبل جيل المستقبل، أقترح إدخال موضوع الشريط الوردي في المنهاج الدراسي، وجعله أسلوب حياة وليس مادة تحفظ وتمتحن فقط.

إذن، سواء أكان الفحص المبكر عن طريق أشعة الثدي (الماموغرام) أو الفحص الذاتي، فإن الهدف الأساس هو الأخذ بالأسباب في الوقت المناسب، واعتماد مبدأ «الوقاية خير من العلاج» ثقافة يومية، بشرط ألا يصل لمرحلة الوسواس وإعادة الفحص كل شهر. تمنياتي لجميع نساء الأرض أن يكنّ «أولا» في الصحة والعافية، فبدونهن تستحيل الحياة وتصبح قاتمة فانية!

 

Email