وصايا مهمة للطالب المبتعث

ت + ت - الحجم الطبيعي

تحرص دولة الإمارات بقيادتنا الحكيمة على خدمة أبنائها وتنمية طاقاتهم ومهاراتهم في شتى المجالات، بما يعود عليهم وعلى مجتمعهم ووطنهم بالخير، ومن صور ذلك إرسالهم للبعثات الخارجية في مختلف دول العالم، وتقديم المنح الدراسية لهم في التخصصات المتنوعة وفي فروع المعرفة المختلفة داخل الدولة وخارجها، واحتضان المتميزين منهم مع تذليل الصعاب أمامهم، وتوفير الاحتياجات لهم، إيمانًا بمدى حاجة الأمم إلى تنمية الطاقات البشرية، وانطلاقًا من كون بناء الأجيال وتزويدهم بالعلوم والمعارف غاية في بناء الوطن ورقيه وازدهاره، ليستغني الوطن بأبنائه عن غيرهم، وليتبوأ مراتب الصدارة والريادة والقيادة بين أمم العالم ودولها، ومن هذا الباب أحببت كتابة هذه الوصايا لأضعها بين يدي الطالب المبتعث، لعل الله تعالى أن يجعل فيها النفع والقبول..

أولاً: تذكَّر أيها الطالب المبتعث أنك في نعمة إذْ حَظيت بثقة الدولة فيك، وتم اختيارك لاستكمال دراستك في الخارج، لتعود بعدها إلى وطنك وقد نلت رصيداً متميزاً من التعلم والتخصص، فاشكر الله تعالى على هذه النعمة، واشكر ولاة أمرك الذين حرصوا على رقيك وتميزك، فسخَّروا لك الدعم، ويسروا لك السبل، فكن عند حسن ظنهم فيك.

ثانياً: ضع في ذهنك أيها الطالب واجب ردِّ الجميلِ إلى وطنك وقيادتك ومجتمعك، واعقد العزم على تسخير ما ستمتلكه من علم وخبرة ومهارات في خدمة وطنك، والمساهمة في تنميته وتطويره وازدهاره، واحرص على الطموح العالي والأمل المتدفق في أن تكون لبنة فاعلة في بناء هذا الوطن الغالي، وتذكَّر قول الله تعالى: {هل جزاء الإحسان إلا الإحسان}.

ثالثاً: تَحَلَّ بالجد والاجتهاد وعلو الهمة والصبر على حسن التعلم والاستفادة من الفترة الدراسية ما أمكن، فإنك لم تتكلف عناء السفر وتتحمل مرارة الغربة من دون هدف، أو بهدف المتعة والنزهة لا غير، وإنما جئت لغاية مهمة، وهي ضبط التخصص الذي أنت فيه، والاستزادة والتميز في الباب المعرفي الذي أنت بصدده، فاحرص على المثابرة والتميز وامتلاك المهارات التي تخدم تخصصك، فمن جدَّ وجد، ومن زرع حصد، يقول نبينا صلى الله عليه وسلم: »احرص على ما ينفعك, واستعن بالله ولا تعجز«، ويقول عليه الصلاة والسلام: »المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف«.

رابعا: احرص على أن تعطي صورة إيجابية جميلة عن دينك ووطنك عند الآخرين، فإنَّ الإنسان المبتعث يمثِّل مجتمعه ودولته وثقافته، وما يصدر منه من إيجابيات وسلبيات ينعكس في نظرة الآخرين إلى مجتمعه ودولته إيجابا وسلبا، لأنه منسوب إليها، ومترعرع فيها، فاحرص على أن تكون خير سفير لدينك ووطنك، وانقل صورة مشرقة عن ثقافتك الإسلامية المعتدلة ومجتمعك العربي الأصيل، وتمسك بضوابط الإسلام والمنهج الوسطي والسلوك الطيب الراقي، وتحلَّ بكريم السجايا في التعامل مع الناس، فقد قال رسولنا صلى الله عليه وسلم: »إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق«، ويقول عليه الصلاة والسلام أيضاً: »إنَّ الرجل ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم«.

خامساً: احرص على ملازمة تقوى الله تعالى في السر والعلن، والحذر من الذنوب والمعاصي والأفكار الهدامة والإباحية التي تخالف ديننا وقيمنا ومبادئنا وأعرافنا وحضارتنا، ففي الحديث النبوي الشريف: »اتق الله حيثما كنت«، أي: في أيِّ مكان كنت، حيث يراك الناس وحيث لا يرونك، فإنَّ الله رقيب عليك، قال تعالى: {إن الله كان عليكم رقيبا}، فكن قدوةً لغيرك في المحافظة على شعائر دينك والتمسك بثقافتك وقيمك الحضارية، وتذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم: »احفظ الله يحفظك«، أي: احفظ أوامر الله تعالى وتقواه فلا يراك حيث نهاك، واحفظ ما أوجبه عليك فلا تضيع منه شيئاً، فإذا فعلت ذلك حفظك الله في نفسك ودينك ودنياك.

سادساً: تمسك أيها الطالب بصفاء عقيدتك ونقاء فكرك وجمال ثقافتك على حقيقتها الوسطية المنضبطة، واعلم أنَّ هناك من قد يحاول أن يلبِّس عليك في دينك وثقافتك ووسطيتك، وفي محبتك لوطنك ومجتمعك، وفي خلقك وقيمك، من الجماعات المشبوهة والشخصيات المغرضة من تجار الدين والانحلال، لأنهم أحرص ما يكونون على إفساد العقول والسيطرة عليها وتسخيرها كوسيلة لإلحقاق الضرر بالأفراد والأوطان، فكن على حذر، واحرص على أن تكون على مستوى الوعي واليقظة والإدراك، وتمسك بالثوابت الشرعية الصحيحة والقيم الأصيلة النبيلة، وتجنب ما يخل بذلك.

فمن الخسارة أن يكتسب المبتعث مهارة في باب من الأبواب، وفي مقابل ذلك يغتال عقله فيكتسب سلبيات وانحرافات في أبواب أخرى؛ من فساد فكري أو انفلات خلقي أو اغترار بالثقافات السلبية الأخرى، أو ضعف في القيم الوطنية، أو الانزلاق في التبعية الفكرية لتنظيم أو حزب، فيصبح منكراً لمعروف ولاة أمره معرضاً عن رد الجميل لوطنه.

نسأل المولى سبحانه أن يوفق أبناءنا الطلاب لكل خير ويحفظهم من كل شر، ويسدد خطاهم في ما ينفعهم في دينهم ودنياهم.

Email