أوباما ينقصه الوضوح في الشرق أوسطية

ت + ت - الحجم الطبيعي

هل بإمكان الرئيس الأميركي باراك أوباما عقد تحالف للحط من شأن إرهابيي «داعش» أو القضاء عليهم؟

لقد حدق بشكل حازم في عدسة الكاميرا من البيت الأبيض أخيراً، متحدثاً عن الحرب والتهديدات. وهو متحدث ماهر، نطق بالكلام، لكن أفكاره لم تكن واضحة. وانعدام الوضوح يثير المخاوف.

وبعد الخطاب، كافحت إدارته على مدى أيام لتحديد ما إذا كنا في حرب أم لا. وهذا أمر محرج وخطير.

فهل، مع تهديدات أوباما بقصف داعش في سوريا، نتحرك ضد الرئيس السوري بشار الأسد الذي دفع بالخط الأحمر الذي أعلن عنه أوباما منذ سنة بمساعدة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين؟

منذ سنة واحدة فقط، أراد أوباما أن يقصف الأسد، الآن يبدو متجهاً إلى مساعدته. والأمر يبدو كما لو أن الرئيس الأميركي كسدادة فلين عاجزة تتقاذفها الأمواج، وتجرفه تيارات أقوى من أن يتصدى لها.

يقول الخبير في وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية بول بيلار البالغ من العمر 28 عاماً، والذي يكتب في مدونة السياسة الخارجية «المصلحة الوطنية»، في مقابلة معه أخيراً: «سمعت الرئيس يعيد التأكيد أننا لن نعمل مع الأسد، فرسمياً لا يزال نظاماً نقول إن عليه أن يغادر، ومع ذلك هو اللاعب الرئيس الآخر والمستفيد الرئيسي المحتمل لأي تحرك ضد داعش في سوريا».

ومع ذلك، فإن كلام أوباما الحازم بشأن رمي القنابل وتدريب المقاتلين ضد داعش قام بتسخين الأطراف المتجمدة للمحافظين الجدد في «حزب الحرب»، وأصبحوا يشعرون بأطراف أصابعهم مجدداً. وأولئك الأشخاص أنفسهم الذين اقنعونا منذ سنوات أن الدكتاتور العراقي صدام حسين لديه أسلحة دمار شامل، واقنعونا بالضغط باتجاه الحرب ضده بحلم تحقيق الديمقراطية.

لكن كل ما نتج عن هذا هو خسارة في الأرواح والأموال الأميركية، كذلك بالأرواح العراقية، وقد عمل بشكل مباشر على ولادة داعش في العراق وسوريا. وكل من يقول عكس ذلك إنما يستخف بكم، ومن أيد بيننا عن خطأ حرب العراق سوف يحمل تلك الخطايا إلى الأبد.

وموقف الرئيس المؤيد لحرب جديدة سبب صدمة قوية بين أصدقائه الليبراليين. وكثيرون منهم يبدو انهم حاولوا حماية انفسهم وإرسال تنهيدات مبهمة حول عدم معرفتهم الكافية بما يجري ليتخذوا موقفا. وكان الليبراليون في وقت من الأوقات مدمنين كثيرا على الأمل الذي قدمه لهم.

والان فإنهم مشلولون إلى حد كبير. نعم الأمر محزن، فهل هذا ما يحدث عندما ينفد المخدر ويلسع الواقع في النهاية؟ ولقد عاش الرئيس الأميركي كل سنوات حياته السياسية على الحيل البلاغية والمسرح السياسي والسحر. تذكروا أنه أشيد به حتى عندما قال لنا إنه يشعر أحيانا كما لو أنه الوعاء الفارغ لأحلامنا.

وكل هذا أصبح ممكنا بفضل سمة أخرى تعلمها منذ سنوات، فيما كان يخدم كمتدرب مع قيادات الحزب الديمقراطي في شيكاغو، وهي سمة تفادي المواجهة المباشرة. وهذا ليس تدريبا في القيادة، بل تدريب في البقاء سياسيا. بيد أن مواجهة تنظيم داعش ومحاولة دعم تحالف صغير متهاو لقتاله شيء آخر.

ولقد أصر أيضا في مقابلة مع صحيفة «نيويورك تايمز» أخيرا أن مساعدة من يدعون بالثوار المعتدلين في سوريا كانت عملاً يفتقر إلى الحكمة: «فيما يخص سوريا، كان الأمر دوما خيالياً..

تلك الفكرة انه بإمكاننا توفير بعض الأسلحة الخفيفة أو حتى الأسلحة الأكثر تطوراً لما كان في الأساس معارضة تتألف من أطباء ومزارعين وصيادلة وغيرهم، وانهم سيكون بمقدورهم قتال ليس فقط دولة مسلحة جيداً، لكن أيضاً دولة مسلحة جيداً مدعومة من روسيا وإيران وحزب الله الذي اشتد عوده بفعل القتال، تلك الفكرة لم تكن ستتجسد أبداً».

ما نراه، تماما كما لعبة الغولف، بعد دقائق من إلقاء خطاب مبك حول قطع رأس أميركي، ليس جيداً.

فإما أن يكون «داعش» تهديداً مباشراً للولايات المتحدة أو أنه ليس كذلك. إذا كان تهديداً، . فليعمل أوباما على وضع جنود على الأرض، وليذهب إلى تلك الثغرات في سوريا والعراق ويقتل إرهابيي داعش. وإذا لم يكن تهديداً، فماذا يفعل أوباما تحديداً؟ المطلوب هو الوضوح أيها الرئيس الأميركي، فأنت لا يمكنك القيادة من دونه.

 

Email