تاريخ الخليج بعيون المؤرخين العرب

ت + ت - الحجم الطبيعي

عاش العرب على ضفاف الخليج منذ أوائل العصور الحجرية، وترد إشارات إلى القبائل العربية في النقوش الصومالية، التي توضح أن العرب كانوا السكان الأصليين لمنطقة الخليج منذ فجر التاريخ، وأنهم قد اتصلوا بأعراق وأجناس أخرى وأثروا فيها في ذلك الوقت. فهناك على سبيل المثال؛ المعينيون الذين أبدعوا حضارة مزدهرة في اليمن، وانحدروا أصلا من البحرين التي تعتبر مركز إحدى أهم الحضارات العربية في الخليج. وفي عام 538 ق.م.

سقطت الإمبراطورية الكلدانية، بعد أن تعرضت للهزيمة على يد الأكاديين، وفقد الخليج السيطرة العربية لمرحلة يعتد بها من الزمن، وفي وقت لاحق تعرضت منطقة الخليج لتأثير الاسكندر الأكبر، وبعد وفاته بدأت أمم أخرى في التأثير في المنطقة.

وخلال هذه الفترة الزمنية برزت إمارة عربية في الخليج وأصبحت تعرف باسم إمارة جرحة، واكتسبت هذه الإمارة نفوذا وتأثيرا كبيرين، وانطوى الخليج بكامله تحت سلطنتها، وقد حافظت على القانون والنظام وكانت لها علاقات مميزة مع الجزء الجنوبي من الجزيرة العربية والهند من ناحية، ومع بابل ومملكة الأنباط من ناحية أخرى، وعمل سكانها في الزراعة والتجارة، وظلت مركزاً عربياً مهماً على امتداد وقت طويل بعد سقوط بابل، وأصبحت المعقل والحارس للطابع العربي للخليج. وتوضح المصادر التاريخية العربية، أنه كانت هناك قبائل عربية عديدة تقيم على الجانب العربي من منطقة الخليج، ومن بينها قبائل بكر والأزد وعبد القيس وتميم.

ويقال إن العرب قد استقروا على السواحل الجنوبية للطرف الآخر من الخليج وسيطروا عليها، كما سيطروا على كرمان قبل نشوء الإمبراطورية الساسانية، وتصدوا بالمقاومة الشديدة للساسانيين عندما أغاروا على العراق وعلى أجزاء من الخليج العربي.

وبعد معركة ذي قار، دخلت القبائل على امتداد منقطة الخليج في الإسلام، وبدأت الفتوحات الإسلامية في عام 632 ميلادية، عندما انطلق المسلمون يحملون رسالة التوحيد إلى الآفاق. وفتح المسلمون العراق بعد معارك شرسة عديدة، وأبرزها كما نعلم معركة القادسية. وشيدت البصرة في عام 638 ميلادية وأصبحت المعقل القوي للعرب والمسلمين في شمال شبه الجزيرة العربية، كما غدت القاعدة العسكرية لانطلاق المسلمين شرقا، وشكل الخليج جـــــزءا هاما من الإمبراطورية الإسلامية العربية خلال حكم الخلفاء الراشدين.

وفي ظل الأمويين والعباسيين، انطلق المسلمون ليساهموا بنشاط كبير في بناء صرح الحضارة العربية، وكان لأبناء الخلــيج نشاط كبير في حقول الثقافة والعلوم المختلفة، ونجد امــتداداً لهذه الحيوية لدى أبناء المنطقة في الوقت الحالي.

حاول الهولنديون في العصور الحديثة اختراق الخليج عن طريق احتلال جزيرة قسم عام 1645، ولكن طموحاتهم قوبلت بمقاومة ضارية من العرب.

وكان البرتغاليون قد بدأوا بالفعل تحركهم في الخليج العربي عام 1506، عبر حملة بحرية دمروا فيها بعض المرافئ في عمان، وتصدى لهم عرب الخليج بمقاومة عنيفة، وثاروا على البرتغاليين في البحرين عام 1602، وقاموا بثورة مماثلة عليهم في عُمان عام 1619، وفي نهاية المطاف قوبل البرتغاليون بمقاومة ضارية وحاقت بهم هزيمة مريرة.

وفي أعقاب هذه الوقائع، اندلع صراع بين إنجلترا وفرنسا للسيطرة على الخليج، وحوالي نهاية القرن 18 وبداية القرن 19، عندما سيطر البريطانيون على مناطق كبيرة من الخليج، صاغت القبائل العربية نسيج التاريخ بشجاعتها وبطولتها في غمار التصدي للبريطانيين. وهكذا فإن دول الخليج المزدهرة اليوم، هي بحق امتداد للسجل الحافل الذي سطره أبناء الخليج من قبل، الذين قاتلوا وعملوا بجد من أجل استقلالهم ورفعة شأن بلادهم.

Email