من أهل الدار إلى رعاة الدار

ت + ت - الحجم الطبيعي

عند المرض تبدأ دفاعات أجسادنا بالانهيار رويداً رويداً ويبدأ الألم، ذلك الذي يقيّدنا ويرهق حركتنا، القاتم الذي يشعرنا بالعجز وبأننا غرقى في بحوره وبأنه لا نجاة لنا من شدة وطأته، وفي لحظات ضعفنا هذه يأتينا من يحثّنا على التمسّك بشراع الأمل، ويمدّ يد المساعدة لنا في وقت نكون فيه أحوج ما نكون إلى مثل هذه اليد، إنهم جنود الوطن المجهولون، إنهم ممثلو سفاراتنا في الخارج والعاملون في المكاتب الصحية هناك، إنهم رجال خليفة.

في رحلتي العلاجية، أخيراً، إلى ألمانيا، شعرت بمعنى الحب الحقيقي الذي يكنّه رعاة الدار لأهل الدار، وإخلاصهم وتفانيهم في العمل على خدمة المواطنين وراحتهم والتوجيه بالارتقاء بالخدمات المقدّمة إليهم، حيث تقدّم الدولة بتوجيهات قيادتنا الرشيدة، خدمات العلاج فـي المستشفيات والمصحات والعيادات المعتمدة في الخارج للمرضى المواطنين، في حال عدم توافر إمكانية لتقديم هذا النوع من الرعاية داخل الدولة، ويتم تكليف مجموعة من الأطباء والمنسّقين الطبيّين في الدول التي سيتم إيفاد المريض إليها للعلاج، لدراسة التقارير الطبية الواردة من الدولة.

والبحث عن أفضل مراكز العلاج وحجز مواعيد طبية فيها، وكذلك متابعة حالة المريض منذ لحظة وصوله، والتنسيق وتوفير الاحتياجات الطبية له في أثناء رحلة العلاج، بالإضافة إلى ترجمة التقارير الطبية وتأمين المواصلات المناسبة..

وغيـرها الكثير الكثير من المهام والمساعدات التي تشمل المريـض والمرافقين له منذ لحظة وصولهم إلى المطار، وإيجاد السكن المناسب لهم، وصـرف المخصّصات اليومية للمرضى ومرافقيهم حتى لحظة عودتهم إلى الدولة، ما يخفف بدوره الكثير من آلام المرضى هناك.

مستوى العناية الفائقة والخدمات المتميزة التي تقدّمها الدولة للمبتعثين المواطنين للعلاج في الخارج، لفت نظر الكثير من العاملين في المجال الصحي في ألمانيا، حيث سألني كثير من الأطباء والممرضات الألمان الذين يشرفون على علاج الكثير من المرضى المواطنين هناك، عن سر العلاقة التي تربط بيننا نحن الإماراتيين وبين حكّامنا.

إذ إنهم يلمسون مدى متانة هذه العلاقة وصلابتها، فكانت إجابتي أن السر هو التقرّب من المواطنين والتواصل معهم، الذي هو امتداد لتقليد أسّسه المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، فقيادتنا الرشيدة تشعرنا دائماً وفي كل مكان أننا محل اهتمامها، وأنها تسهر على مصلحتنا وأمننا وراحتنا ورفاهيتنا، وتؤدي دوراً إنسانياً مقدّراً داخلياً وخارجياً.

إن اللفتات الإنسانية النبيلة والمكارم السامية ليست غريبة على شيوخنا الكرام رعاة الدار، وبفضلهم وبفضل جهودهم المضنية، أضحت دولتنا الحبيبة صرحاً رائداً في برامج البذل والعطاء وتقديم خدمات إنسانية مميزة لشعبها، حيث إنهم بذلوا وما زالوا يبذلون الجهود الصادقة والمخلصة، ويسخّرون كل الإمكانات لتؤدي هذه الخدمات وهذه البرامج النتائج الإنسانية المرجوة منها، تجسيداً للمعاني الإنسانية السامية وقيم التراحم والتعاطف والتكافل التي تتمسّك بها دولتنا الحبيبة.

إن ما يجمع بين رعاة الدار وأهل الدار قصة تحكي واقع الحب المشترك، الذي يغطي كل الوطن الذي تطاله الأيادي البيضاء لقيادتنا الحكيمة.

لقد حققت دولة الإمارات العربية المتحدة في ظل القيادة الرشيدة لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وإخوانهما أصحاب السمو الشيوخ حكّام الإمارات، والفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، السعادة والرضى والرفاهية لمواطنيها، كنهج إنساني قوامه العطاء والمحبّة.

 وإنني كما كل مواطن ومواطنة في هذا الوطن الغالي، نفخر بانتمائنا إلى دولة يحكمها قادة كقادتنا، حريصون كل الحرص على توثيق الروابط بينهم وبين المواطنين كافة وتوطيدها، قادة همّهم الأول والأخير مصلحة شعبهم، والأخذ بأيدي مواطنيهم والوقوف على راحتهم، وتقديم جميع الخدمات لهم في كل الأوقات، وفي جميع المجالات الصحية والتعليمية والاجتماعية والتنموية وغيرها الكثير.. وذلك تجسيداً حقيقياً لمعنى كلمة: «رعاة الدار مع أهل الدار».

فالشكر العميق لكم رعاة الدار من أهل الدار، والشكر موصول إلى جميع من وقف إلى جانبي وساعدني في مرضي، وأخصّ بالذكر مدير عام مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية على موقفه النبيل، وكذلك الشكر كل الشكر لمستشفى زايد العسكري، وللجنة الطبية للعلاج في الخارج، ولمدير المكتب الصحي في ميونخ، وإلى جميع العاملين في هذا المكتب، على جهودهم الرائعة وعملهم المخلص على راحة المرضى المواطنين.. وأدام الله على الجميع العفو والعافية والصحة والسلامة.

 

Email