العقوبات على روسيا وعدو الغرب الأكبر

ت + ت - الحجم الطبيعي

ليس هناك ما هو أكثر إثارة للشفقة من مشاهدة شخص ما يركض قافزا عن عارضة مرتفعة ليسقط على بطنه في الماء، وهو ما زال يعتقد أنه أحرز علامة كاملة 10/10. وهذا هو وضع الرئيس الأميركي باراك أوباما حاليا في ما يتعلق بقضية فرض العقوبات على روسيا.

وهذا الموقف المثير للقلق، بات يتخلل الثقافة الغربية على نحو متزايد. فقد دعمت أوروبا وأميركا انقلابا ضد رئيس وحكومة منتخبين ديمقراطيا في أوكرانيا، الأمر الذي أدى بدوره إلى قيام روسيا بتأييد تصويت ديمقراطي بتاريخ 16 مارس في شبه جزيرة القرم، الزاوية الجنوبية الشرقية من البلاد، رفضا للانقلاب وأعلنت الانفصال.

ويريد الغرب من روسيا التخلي عن إجراءاتها في أخذ ما ليس لها، وأن تساعد في استرداده، وهذا لن يحدث. وهنا يأتي الألم أيها الرفاق، فالعقوبات الأوروبية ليست مزحة، فهي تشمل البيروقراطية الأوروبية التي غرضها الأساسي هو التصرف بمثابة سجان لحقائب الأموال، لإبقاء الحلم الاشتراكي على قيد الحياة.

وفي الواقع، تعد البيروقراطية في الاتحاد الأوروبي في غاية الكفاءة، بحيث إنها تفوقت على نفسها. ومباشرة بعد عقوبات الاتحاد الأوروبي، أعلن أوباما عن بعض العقوبات التي سيفرضها، حيث سيمنع سبعة مسؤولين روس وأربعة مسؤولين أوكرانيين من التوجه لقضاء عطلهم في «ديزني وورلد»، أو من كسب نقاط «ولاء» كزبائن لـ«بنك أوف أميركا». كما لن يسمح لهم بزيارة القمر، والعلاج من السرطان، أو بحضور الحفلات الغنائية للمغنية شير «درسد تو كيل».

وقد رد نائب رئيس الوزراء الروسي ديمتري روغوزين على موقع «تويتر»، الموقع المناسب للردود الغاضبة والتهديدات الفارغة: «الرفيق باراك أوباما، ماذا ينبغي أن يفعله أولئك الذين ليست لديهم حسابات ولا ممتلكات في الخارج؟ أم أنك لم تفكر في ذلك؟». ويتكهن روغوزين بأن أحد «المخادعين» صاغ العقوبات التي فرضها أوباما.

قال أوباما: «نحن نوضح أن هناك عواقب على أفعالهم». لكنني لا أعتقد أن كلمة «العواقب»، التي يمضي أوباما في استحضارها، تعني ما يعتقد أنها تعنيه. وأوباما حقا لا ينبغي أن يتلاعب بالعقوبات على أية حال. ولا اعتقد أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وجماعته غير منطقيين في أفعالهم حتى الآن، في ما يتعلق بأوكرانيا. لكن إذا كان الرئيس الأميركي سيفرض عقوبات على أية حال، فإنه بحاجة إما أن يجعلها ذات مغزى ويتابعها بشكل موثوق، أو أن يصمت.

خلال سنوات رئاسة الرئيس الأميركي الأسبق رونالد ريغان، نحن جيل «الستينات إلى الثمانينات من القرن الماضي»، ترعرعنا ونحن نشاهد أفلاما مثل «فلاش دانس»، «توب غن»، و«روكي». وكانت ثقافة البوب ورسالة المجتمع واضحة: لن تصل إلى أي مكان ما لم تستثمر رأس المال الناشئ عن جهدك.

لم يكن هناك تزوير له، ولا طرق مختصرة، والاستثنائية كانت تكتسب ولا تمنح. أما في هذه الأيام فقد حلت الأحاديث الفارغة المبالغ فيها محل العمل الشاق، وحل مكان شخصية الممثل سيلفر ستالون «روكي بلباو»، نجوم تلفزيون الواقع الذين تكمن مواهبهم الرئيسية في لفت انتباه الآخرين، وماتت العاطفة إلى حد كبير، إلا إذا كانت للدفاع عن الأنا.

وبوتين، على النقيض من ذلك، لديه عاطفة لا يمكن إنكارها للأشياء خارج ذاته، لبلاده وشعبه، ربما إلى حد الهوس. لكن الهوس يعني أنه يفكر في الأمر ليلا ونهارا، والعاطفة تعني أنه بعد كل هذا التفكير، يندفع في النهاية نحو العمل. وللأسف، القادة الغربيون لا يطابقون هذا الوصف.

وما نشهده الآن يشكل حرباً ثقافية، وعدونا الأكبر ليس روسيا أو أي دولة أخرى، بل إنه في داخلنا، إذ لم يعد لدينا الحب والعاطفة المشتعلة لأن نصبح كما كنا في الماضي.

Email