مغرّدو »تويتر« إلى أين؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

تعودت دائماً عندما أكتب عن أبناء وطني، الشعور بالسعادة والزهو لما أجدهم فيه من الوحدة والوفاق على هدف واحد، وهو العمل من أجل مصلحة هذا الوطن الحبيب والسعي لرفعته وارتقائه، وكم أشدت بمواقفهم المشرفة التي وقفوا فيها صفاً واحداً على قلب رجل واحد، للدفاع عن وطنهم الغالي ضد كل من تسول له نفسه النيل من سلامته ووحدة أراضيه.

وذلك في كل المحافل والميادين، وخصوصاً مغردي الوطن على مواقع التواصل الاجتماعي، الذين كانوا وما زالوا قلوباً تنبض وعقولاً تفكر وأرواحاً نقية تتلاقى على الخير، من أجل الاحتفاء والفخر بإنجازات الإمارات، أو الثأر من خفافيش الظلام الذين يتحركون في الخفاء خلف ستائرهم السوداء، لضرب استقرار الوطن وإيقاع الفتنة بين أبنائه.

ولكن هل نجح هؤلاء المفسدون في شق الصف والدخول بين مغردي الوطن؟ وهل استجاب المغردون لتلك المحاولات؟ للأسف الشديد، نرى في هذه الأيام من يحاول نشر الفتن بين المغردين، وشق الصف والسير بعكس الهدف.

وقد بدا ملاحظاً في الآونة الأخيرة وبشكل واضح على صفحات تويتر، خـلاف بين مغردي الوطن، تقلصت معه التغريدات الوطنية وأخذ البعض مساراً آخر لكسب زعامة التغريد، بالتهجم والسب والتطاول على إخوانهم وأخواتهم من المغردين، حتى تكونت أحزاب وفرق لا داعي لوجودها، وصار معظم المغردين يكيلون لبعضهم الاتهامات التي وصلت إلى حد التخوين، وأكثرها اتهامات شخصية وليست وطنية.

ويبدو أن اندساس بعض العناصر المغرضة التي دخلت بين المغردين بأسماء مستعارة، كان له أكبر الأثر في إشعال الفتنة بينهم، مستغلة حالة الانقسام البادي على الجسد الخليجي بسبب الخلافات بين بعض الدول، وظهور أبناء الإمارات بمظهر مشرف في الالتفاف حول قيادتهم، فكان لا بد أن يندس بينهم من يعكر صفو وحدتهم، ويحاول شق صفهم وإثنائهم عن هدفهم الوطني الذي يغردون من أجله.

ولكن لا بد أن يعلم إخواني المغردون من شباب وشابات الوطن - وجميعهم من أبناء زايد - أننا لم نقتحم عالم تويتر مجبرين، ولكننا تواجدنا فيه طوعاً وحباً لهدف سامٍ كبير، ألا وهو حب الوطن والتغريد لأجله والدفاع عنه، وليس الدخول في مهاترات رخيصة لا تغني ولا تسمن من جوع!

وأن الإنسان الذي يسكن في وطن عزيز مثل الإمارات، يجب أن يكون على قدر هذا الوطن فتعلو همته وترتقي تطلعاته، ويكون تنافسه مع الآخرين على شيء ذي قيمة يتطلع إليه، فيرتقي معه أسلوبه ويسمو به وبمستقبله، ساعتها يصبح قادراً على مناظرة الآخرين بكل احترام، ويخرج منتصراً لأجل وطنه وليس لأجل نفسه.

أما إذا جعل رغباته ونزواته وخلافاته الضيقة مع الآخرين هي التي تحكمه، فستنحدر به إلى الهاوية؛ فتسوء معها أخلاقه ويبتذل معها أسلوبه.

ويجب أن لا يكون فينا إمَّعة، منساقا خلف الآخرين يوجهونه إلى حيث أرادوا هم، ولكن عليه أن يكون صاحب شخصية مميزة وعقلية راجحة وقدرة على التمييز والنقد؛ حتى لا يصبح أداة طيعة سهلة في أيدي الماكرين ومروجي الفتن، ساعتها يصبح معول هدم بدلاً من أن يكون معول بناء.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تكونوا إمَّعة، تقولون: إن أحسن الناس أحسنا، و إن أساؤوا أسأنا، و لكن وطنوا أنفسكم إن أحسنوا (أن تحسنوا)، و إن أساؤوا أن لا تظلموا".

وهذا يجعلنا ننتبه إلى دور النشأة والتأسيس السليم لأبناء الوطن، فلا بد أن تعي الأسرة وكل من يقوم بدور مهم في عملية التربية والتوجيه، مثل وسائل الإعلام والمؤسسات الدينية والتربوية، أن عليهم دوراً مهماً في بناء شخصية مستقيمة وثابتة لأبناء الوطن، يعلمونهم من خلالها رجاحة الفكر والقدرة على التمييز، وتعلمهم كذلك فقه الاختلاف القائم على احترام الرأي الآخر.

وأنه ليس بالضرورة أن يتفق معك كل من حولك في الرأي، وأننا إذا اختلفنا يجب أن يحترم كل منا رأي الآخر، ولا يصل خلافنا إلى جدال عقيم يؤدي إلى تجريح في شخص من يجادلنا، أو كيل الاتهامات الكاذبة له، أو الطعن في دينه وعرضه.

وأخيراً، أوجه نداء إلى كل المغردين من أبناء وبنات زايد، أن يعتصموا بحبل الله ولا يتفرقوا، وأن يتغلبوا على خلافاتهم الشخصية ويرتقوا بأسلوبهم، على قدر رقي الوطن ومكانته السامية.

 

Email