هذا ما تعنيه لك الخدمة الوطنية أيها الإماراتي

ت + ت - الحجم الطبيعي

إذا كنا وطنيين فعلاً لا زعماً، وإذا كانت محبة دولتنا الحبيبة مترسخة في عقولنا قبل قلوبنا فإن الواجب يقتضي منا أن نعرب عن عميق الامتنان لقرار صاحب السمو رئيس الدولة وصاحب السمو نائب رئيس الدولة إطلاق قانون الخدمة الوطنية والاحتياطية للمواطنين الإماراتيين.

إن مبدأ الخدمة الوطنية بشكل عام يقوم على مبدأ إشراك المواطنين من كافة مستوياتهم وقدراتهم في شرف القدرة على تلبية النداء إذا دعا داعي الوطن لأي سبب أو ظرف كان، فالجاهزية والاستعداد عنصران أساسيان في قدرة كل مواطن على تلبية نداء الوطن، وهما لا يتحققان إلا من خلال التدريب المنظم والممنهج الذي يصبح الآن إلزامياً للمواطنين واختيارياً للمواطنات بعد صدور قانون الخدمة الوطنية والاحتياطية.

وفي البدء لا بد من الإشارة إلى واقع أن الصفة العسكرية للخدمة الوطنية، وما ينتج عنها من تشكيل قوة احتياطية للقوات المسلحة الإماراتية من أبنائها الخلص الميامين يعني تعزيز وتقوية قدرة الدولة وقيادتها السياسية على التعامل مع أي تحديات مستجدة، سواء كانت منتظرة أو مفاجئة، ونحن في المحصلة في عالم لا يؤتمن ليله على صباحه.

كما أن التجربة العسكرية واحدة من أهم المسارات العملية لتعزيز اللحمة الوطنية وتقوية أواصر الوحدة الوطنية بين أبناء الوطن الواحد والبيت المتوحد.

وإضافة إلى رفع مستوى الإحساس بالمسؤولية وترسيخ تلاحم المواطن بقيادته وقضاياه الوطنية، فإن شرف الخدمة الوطنية يعيد تأهيل الشباب الإماراتي لكي يصبح أكثر قدرة على التعامل مع مستجدات الحياة والعمل بموضوعية وانضباط، كما أن تطبيق قانون الخدمة الوطنية بطبيعته العسكرية سيعيد تشكيل ذهنية الشباب الإماراتي فيما يتصل بتقاليد العمل والإنتاجية وترتيب الأولويات الحياتية والانضباط المنتج.

ولعلنا جميعا ندرك حجم الإعجاب الذي يتملك العاملين في القطاعات المدنية حول زملائهم الذين سبق لهم أن نالوا شرف الخدمة العسكرية (جيشا أو شرطة) وانعكاس ذلك على أدائهم الوظيفي في حياتهم المدنية، وقدرتهم على تحقيق الأهداف وصناعة الإنجازات.

وبالطبع لا يخلو الأمر من رسالة واضحة وقوية إلى كل من يتربص بهذه الحمى سوءا وهي أننا في الوقت الذي نبذل فيه الغالي والرخيص لحماية تراب إماراتنا الحبيبة فإننا نصبح الآن أكثر جاهزية وأكثر استعدادا وأفضل تدريبا وتأهيلا، وها نحن الآن ندخل مرحلة يصبح فيها كل إماراتي جنديا مؤهلا للدفاع عن كل الإمارات، أرضاً وجواً وبحراً، فالشهيد "سالم"، شهيد علم الإمارات في جزرها المحتلة لم يمت وحيداً وستبقى ذكراه حية في شرايين قلوب أبناء الإمارات ما حيينا.

لكن الأهم من هذا وذلك أن لا ننسى المقولة الحكيمة التي أطلقها سيدي صاحب السمو نائب رئيس الدولة غداة إقرار القانون، وهي أننا "دولة سلام وأمن واستقرار، نؤمن بالسلام ونعيشه وننشره في كل العالم.

هذا نهج دولتنا الذي ورثناه عن آبائنا المؤسسين". ومقولة سموه عميقة المعاني والدلالات التي أكملت هذه المقولة: "رسالتنا للعالم رسالة خير وسلام، وقوة الرسالة من قوة مرسلها. ومكتسباتنا خط أحمر لا بد من حمايتها بالغالي والنفيس".

ومن البديهي هنا ونحن نتحدث عن حماية الوطن أن نتحدث بعواطف جياشة وقوية، لكنني أريد هنا أن أقترح على كل واحد فينا أن يعمل اختباراً شخصياً بينه وبين نفسه عن مدى التزامنا بهذه العواطف الجياشة، والهدف ليس اختباراً لوطنية أحد، وإنما لكي يعرف كل واحد فينا أين يمكن أن يشعر بالتقصير الشخصي تجاه وطن منحنا أجمل ما تمنحه الأوطان لأبنائها: الحرية والكرامة والعزة.

دعونا نمتحن ولو للحظات حقيقة مشاعرنا الوطنية والتزام كل واحد فينا نحو الإمارات، قيادة ودولة وشعباً، وحاضراً ومصيراً، فلنتخيل لو كان قانون الخدمة الوطنية ينص على اختيارية الخدمة للجميع. ماذا كنت ستفعل؟

وقد تظهر هنالك بعض الاستثناءات التي تمتحننا جميعا، فمثلا، هنالك دول تعفي الابن الوحيد لوالديه من إلزامية الخدمة، ترى ماذا ستفعل أنت إذا كان لديك ابن وحيد؟ وماذا ستفعل إذا جاءتك ابنتك لتخبرك أنها تريد التقدم لنظام الخدمة الوطنية الاختياري الخاص بالمواطنات؟ إذا لم نكن جاهزين منذ الآن لكي نتخذ القرار الصواب في هذه الظروف فكيف سنفعل إذا لا قدر الله وجدنا أنفسنا في لحظة زمان غادرة لا تستأذن فيها البنت من أبيها قبل أن ترفع السلاح دفاعاً عن شرف ديرتها

.إن المعيار هنا يا بني وطني ليس حالة الرخاء وإنما استعدادنا الفعلي لبذل الغالي والرخيص في الليلة السوداء لا قدر الله. وامتحان الخدمة الوطنية الإجباري هو اليوم حجر الرحى في منظومة انتمائنا للإمارات فهل نحن جاهزون للتحدي؟

وبانتظار بدء الإجراءات التنفيذية لتطبيق القانون، علينا أن نبدأ من اليوم حملة وطنية وعائلية للاستعداد والتهيئة لكي يشعر أبناؤنا بالشرف والعز لأنهم ينالون شرف خدمة بلادهم والانضمام لقواتنا المسلحة عبر قانون الخدمة الوطنية والاحتياطية، فهذه الخدمة شرف ما بعده شرف وهذه هي الرسالة التي يجب على كل أب وكل أم أن يوصلوها لأبنائهم.

عاشت الإمارات حرة عزيزة أبية موحدة. وعاش علم الإمارات خفاقاً عالياً. وعاش قادة الإمارات صناع النهضة وبناة التميز. وعاش شعب الإمارات ملتفاً حول قادته وعلمه وجيشه، قوة احتياطية تمثل ذخراً وطنياً عزيزاً للقوات المسلحة.

 

Email