محمد بن راشد.. واستراتيجية التعليم

ت + ت - الحجم الطبيعي

اهتمام صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، باستراتيجية التعليم في دولة الإمارات.

 ومتابعته شخصياً لتنفيذها بصورة سليمة، ودعوة سموه أفراد وشرائح المجتمع للاطلاع على مكونات هذه الاستراتيجية، وطرح الأفكار والآراء البناءة التي تفيد في تطويرها، بحيث تلبي تطلعات كل المواطنين، وتحقق الأهداف الوطنية المبتغاة، خاصة الطلبة بصفتهم المعنيين مباشرة بهذه الاستراتيجية..

 كل ذلك مما يؤكد مدى حرص سموه على تطوير التعليم وربطه بالمعرفة، لتخريج جيل متعلم ومؤهل، يلبي متطلبات مسيرة التقدم والنماء التي تشهدها دولتنا في مختلف المجالات.

وتتمثل أهم ملامح الاستراتيجية، التي تمتد بين عامي 2010 و2020، في إعداد الطالب وتأهيله، كي يتسلح بمعارف ومهارات متوازنة، ويصبح قادراً على فهم واستيعاب قيم سوق العمل المستقبلي.

بما في ذلك الالتزام والمهنية في العمل، حيث تركز على الطالب كمحور أساسي لها، بحيث يتم بناء الإنسان الإماراتي القادر على تحقيق طموحات مجتمعه، وترجمة ولائه لقيادته وانتمائه الوطني، إلى أفعال وطنية نبيلة تخدم الوطن ومستقبل أجياله ورفعته واقتصاده، وبالتالي تلبية توجهات وطموحات قيادتنا الرشيدة لتحقيق التنمية المستدامة.

كما تتمحور الاستراتيجية، حول احتياجات الطالب في تحسين التحصيل العلمي، وتهيئة بيئة مدرسية ملائمة، وإيجاد تكافؤ الفرص التعليمية بين الطلبة، وتنمية روح المواطنة لديهم.

وقد أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، رعاه الله، أن تطوير قطاع التعليم وفق أحدث المعايير، وتوظيف التكنولوجيا للارتقاء بالعملية التعليمية إلى أفضل المستويات العالمية، يتصدران قائمة الأولويات الوطنية لحكومة الدولة، وصولاً إلى أن يصبح نظامنا التعليمي واحداً مـن أفضل النظم التعليمية في العالم بحلول عام 2021.

لافتاً سموه إلى أن "دولتنـا تركز في سياستها التنموية على الاستثمار في البشر قبل الحجر، لتحقيق التنمية المستدامة التي ننشدها لشعبـنا ومجتمعنا"، مشدداً سمـوه على أن النجاح يبقى مـدى الحياة، أما التفـوق فيبقى للأبد لينيـر درب الأجيـال اللاحقـة..

وقال سموه، خلال جلسة مجلس محمد بن راشد للسياسات التي عقدت بحضور سموه تحت عنوان «الاتجاهات المستقبلية لتطوير التعليم» في قصر البحر في دبي، "إن اهتمامنا بقطاع التعليم، ووضعه في قمة الأولويات، نابع من إيماننا بأن رقي الأمم وازدهارها يبدأ من تطور نظمها التعليمية.

وأن دولة الإمارات كان لها السبق في استشراف المستقبل لتطوير قطاع التعليم، فأطلقنا مبادرة التعليم الذكي، انطلاقاً من رؤيتنا وطموحنا لمستقبل أفضل للإمارات، نبدأ به من مدارسنا ومناهجنا التعليمية". وأضاف سموه "أريد لأبناء شعبي أفضل نظام تعليمي، يواكب الثورة المعرفية والتطورات التكنولوجية التي يشهدها العالم".

من هنا تأتي أهمية بناء مجتمع المعرفة الذي يملك أفراده رؤية استراتيجية للمستقبل، في سياق التدفق لمجريات وقائع الحاضر، بتفاعله مع عطاء المعرفة المتجدد.. مجتمع يتسابق أفراده لبلوغ الريادة والتميز، عبر الاجتهاد والتحصيل وبناء القدرات.. مجتمع يسترشد بالمعرفة، لا يرفعها شعاراً، بل يجعلها دليل عمل ومنهج حياة.

إن إرساء أرضية معرفية يعتبر أساس بناء مجتمع المعرفة، وهنا لا بد من الإشارة إلى أن مجتمعنا يمتلك رصيداً حضارياً وثقافياً، تمكن الاستفادة من مخرجاته لبناء مجتمع معرفي معاصر، من خلال صهر وتشجيع الآراء والأفكار وإحداث مناخ يعزز الإبداع والابتكار.

والارتقاء بنظام التعليم بأكمله وفي مختلف مراحله لينسجم مع معطيات العصر، وتوسيع قنوات البحث العلمي النظري والتطبيقي ليخدم مجالات الحياة كافة، والسعي لصيانة نموذج وطن معرفي يستمد خصائصه من الواقع الحضاري والثقافي للمجتمع، وربط المعرفة بالموروث الحضاري والثقافي للإبقاء على هوية الإنسان وموروثه المجتمعي، والانفتاح والتفاعل الخلاق مع الثقافات الأخرى من أجل تبادل الخبرات والمعارف.

ويعد نقص المعرفة (الفقر المعرفي) أحد أهم معوقات التنمية البشرية في الدول النامية، وفي البلدان العربية على نحو خاص، إذ يتسبب الشح المعرفي في ضعف القدرة على الإنتاج والمنافسة، حيث أصبحت المعرفة إحدى وسائل قياس تقدم الدول، بل أصبحت المعرفة معياراً للرقي الإنساني، خصوصاً في هذه المرحلة المهمة من مراحل التطور المجتمعي.

وتأسيساً على ما تقدم، يمكن القول إن إقامة مجتمع المعرفة صارت مطلباً ملحاً لبلوغ غايات التنمية البشرية المستدامة. وإذا اعتبرنا أن الثقافة الكلية تشمل «ثروة معرفية»، فإن الثروة المعرفية تتزايد بتراكم رأس المال المعرفي المسؤول عن إنتاج معارف جديدة، من خلال الاستفادة القصوى من «التعليم ـ التعلم» والبحث المتأني، للتشبع بالعطاء الفكري والأدبي والفني والجمالي..

وإنتاج معارف جديدة، أي الإسهام الفعّال في إنتاج ونشر وحفظ المعرفة في جميع المجالات الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والبيئية، إلى جانب أشكال النشاط المجتمعي، في سياق شراكة استراتيجية بين الحكومة والقطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني.

ضمن هذا الفهم، تشير بعض التقارير إلى أن حظ مجتمع ما من اكتساب المعرفة ومدى توظيفها في خدمة قضايا التنمية المستدامة، يتوقف على حجم الاستثمار في البنى الثقافية والتعليمية والتربوية والتكنولوجية القائمة في المجتمع، فضلاً عن دور المؤسسات والهيئات المجتمعية ذات العلاقة.

لذا يعتبر اكتساب المعرفة المؤشر الدال على قيام مجتمع المعرفة، لأن مجتمع المعرفة هو ذلك المجتمع الذي يتفشى بين مختلف فئاته وشرائحه الفيض المعرفي، وبشكل يجعل البناء الاجتماعي بأسره نسيجاً مشبعاً بثقافة المعرفة، بحيث تصبح المعرفة جزءاً لا يتجزأ من الحياة اليومية لأفراد المجتمع في ميادين العمل البشري..

وبناءً عليه، فإن اكتساب المعرفة يعني بالضرورة التوسع في نشرها وتوظيفها بكفاءة لترقية حياة الناس.. بشكل يتحول معه المجتمع من منظومة تضم بعض أفراد عارفين، إلى منظومة مجتمعية كاملة.

 

Email