اقتصاد النانو

ت + ت - الحجم الطبيعي

بداية بالآية القرآنية التي تحدثت عن تكنولوجيا النانو التي عرفها البشر اليوم بعد قرابة ١٤٠٠ عام وقد أشار لها الله تعالى في محكم التنزيل في سورة البقرة الآية (٢٦) بقوله عز وجل: «إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْي أَن يَضْرِبَ مَثَلاً بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا..»، قال الإمام القرطبي صاحب التفسير: والبَعُوضة:

فَعُولة من بَعَض إذا قطع اللحم؛ يقال: بَضَع وبَعضَ بمعنىً، وقد بعّضته تبعيضاً، أي جَزّأته فتبعّض. والبَعُوض: البَقُّ، الواحدة بعوضة؛ سُمِّيت بذلك لصغرها، قاله الجوهري وغيره. اما قوله تعالى: «فَمَا فَوْقَهَا»، قال الكسائي وأبو عبيدة وغيرهما: معنى «فما فوقها» ـ والله أعلم ـ ما دونها؛ أي أنها فوقها في الصغر. هذا كما يظهر لي في القرن العشرين اليوم هو مفهوم النانو تكنولوجي بشكله المتعارف عليه في التنامي في الصغر وليس في الكبر.

كما وجب علينا الوقوف هنا على ما جاء في محكم التنزيل بسورة الحج الآية (٧٣) قوله تعالى: «وَإِن يَسْلُبْهُمُ لذُّبَابُ شَيْئاً لاَّ يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ»، الذباب اسم واحد للذكر والأنثى، والجمع القليل أذَّبة والكثير ذِبّان؛ على مثل غُراب وأغْربة وغِرْبان؛ وسُمِّي به لكثرة حركته، أما الاستنقاذ والإنقاذ فهو التخليص.

وقد قيل: «وإنْ يَسْلُبْهم الذّبابُ شيئاً» راجع إلى ألمه في قرص أبدانهم حتى يسلبهم الصبر لهم والوقار معها. وخصّ الذباب لأربعة أمور تخصه: لمهانته وضعفه ولاستقذاره وكثرته؛ فإذا كان هذا الذي هو من أضعف المخلوقات وأحقره لا يقدر أحد على خلق مثله ودفع أذيّته، وهذا من أقوى حجة وأوضح برهان على عظمة الله تبارك وتعالى.

جاء في التعريف العلمي لتقنية الصغائر أو تقنية النانو؛ هي العلم الذي يهتم بدراسة معالجة المادة على المقياس الذري والجزيئي. تهتم تقنية النانو بابتكار تقنيات ووسائل جديدة تقاس أبعادها بالنانومتر، وهو جزء من الألف من الميكرومتر أي جزءا من المليون من الميليمتر. عادة تتعامل تقنية النانو مع قياسات بين 0.1 إلى 100 نانومتر أي تتعامل مع تجمعات ذرية تتراوح بين خمس ذرات إلى ألف ذرة، وهي أبعاد أقل كثيرا من أبعاد البكتيريا والخلية الحية.

الإعجاز في هذه التقنية هو المتناهي في الصغر فانت عاجز عن الإمساك بأصابعك جناح البعوضة فكيف تريد أن تمسك أمعاء البعوضة أو عين الذبابة، أو حتى كيف تريد أن ترى ما قد أخذه الذباب لتعرف ما هو ذلك الشيء، ناهيك عن استرجاعه من الذباب او البعوض وصغائر مخلوقات الله.

كطبيعة بني البشر يبدأ استخدام اي تكنولوجيا في صناعتين متضادتين تماماً هما الحرب والطب، وهذا يذكرني بالإنترنت الذي كانت استخداماته عسكرية منذ حوالي ١٩٧٠ حتى تم اتاحته للعامة والبشرية منتصف التسعينات تقريبا والذي سبب تراكما معرفيا ضخما للبشرية في كافة المجالات الطبية والعلمية والصناعية والتجارية وغيرها.

بالعودة للنانو تكنولوجي بداية بصناعة الحروب يجب أن تشاهدوا استخداماتها على الانترنت كيف تقوم القوات الامريكية بصناعة جيش من الذباب الالكتروني، وكيف قامت القوات البريطانية بصناعة هيلوكوبتر صغيرة بتقنية النانو، وكيف تستخدم الصين هذه التكنولوجيا لصناعة جيش من الرجال الآليين.

لا تحزن فهناك استخدامات تقنية مفيدة أيضاً سيكون بمقدور هاتفك العمل في الماء دون ان تختل دوائره الالكترونية وليس مقاوما للماء بالتقنية القديمة التي تمنع تسري الماء فهذا من الماضي. تقوم هذه التقنية بتغير خواص بعض المواد لتتصرف بطريقة مخالفة لما كانت تقوم به سابقا والمتعارف عليها. فالقماش مثلا لن يتبقع لسقوط فنجان قهوة الصباح عليك فقط سوف يتدحرج على القماش كأنه كرة وينسكب على الارض او الطاولة لكن ليس على الثياب المصنعة بتقنية النانو.

الجميل هناك استخدامات طبية للنانو فسيكون بمقدور الأطباء بالدخول الى مناطق الجلطة الدماغية ومعاملتها بدون جراحة، فقط كبسولة نانونية ويسبح الروبوت داخل شرايين جسم الانسان ويتحكم به الطبيب بالصورة والليزر والمتطلبات الاخرى لإجراء اللازم لمعالجة مثل هذا الحالات.

بشكل عام علوم النانو وتقنية النانو أحد مجالات علوم المواد واتصال هذه العلوم مع الفيزياء، الهندسة الميكانيكية والهندسة الحيوية والهندسة الكيميائية تشكل تفرعات واختصاصات فرعية متعددة ضمن هذه العلوم وجميعها يتعلق ببحث خواص المادة على هذا المستوى الصغير.

يرى العلماء والاقتصاديون ان اكتشاف تقنية النانو سيكون بمثابة اكتشاف تقنية الترنزيستور للبشرية التي غيرت مجرى البشرية وكانت البوابة لمعظم الصناعات الالكترونية التي نعيشها اليوم من صناعة الكمبيوتر وانتهاء بالهواتف الذكية والأجهزة اللوحية في يومنا هذا.

أعتقد هذه التقنية سوف تكون المخرج الاقتصادي الوحيد للغرب للخروج من الأزمة المالية العالمية التي تعيشها دول أوروبا وأمريكا كخيار ثان للاقتصاد الاسلامي. حيث إن الاقتصاد رأس المالي أصبح عجوزا بما تعنيه الكلمة من معنى وخاصة بعد تراكم سنوات من صناعة الطلب على المؤسسات النقدية والتضخم الذي وصل الى مستوى بالاقتصاد اليوم انه تقليل الطلب او زيادة العرض على منتج النقد سينتهي بانهيار هذا الاقتصاد رأس المالي ونظريته.

ختاما كما تعودنا نتغنى بماضي أجدادنا الذي يقوم عليهم معظم العلم الحديث اليوم، أيضاً أجدادنا رفعوا رؤوسنا في اقتصاد النانو وإن شئت قلت تكنولوجيا النانو حيث سبب اكتشاف تقنية النانو هو السيف الدمشقي نعم صدق او لا تصدق، حيث كشفت أبحاث ماريان ريبولد وزملائها في جامعة درسدن الألمانية الغطاء عن سر السيف الدمشقي المشهور بقدرته الكبيرة على القطع ومتانته المذهلة ومرونته الكبيرة، فقد تبين لها أنه مصنوع من مواد مركبة بمقياس النانومتر والأسلاك النانوية.

 

Email