سلوكيات مرفوضة

ت + ت - الحجم الطبيعي

سلوكيات نراها تحدث أمامنا في كل يوم فتثير في نفوسنا الانزعاج ونوعا من عدم الرضا عن محيطنا الذى نشترك في العيش فيه مع الأخرين والمفروض أن يحترم كل منا مشاعر الأخر لنجعل من العيش في المجتمع عيشا هنيا. سلوكيات كثيرة تعكس لامبالاة فظيعة من قبل بعض من يعيش بيننا ويثير في نفوسنا العديد من الاسئلة.

سلوكيات غير حضارية بكل معنى الكلمة لأنها وبكل بساطة تنم عن أنانية فظيعة وحب للذات وعدم اكتراث بمشاعر الأخرين وبما يمكن أن تسببه لهم تلك السلوكيات من ازعاج ومن ضيق وتبرم. تلك السلوكيات غير مقصورة على جنسية من الجنسيات أو عرق من الأعراق بل نراها تصدر في الكثير من الأحيان من أي شخص ومن أي جنسية.

نرى مثلا شخصا يتسوق في السوبر ماركت ثم يحمل ما تسوقه في عربة الى الخارج وبكل عدم اكتراث ولامبالاة يترك عربة التسوق في مواقف ذوى الاحتياجات الخاصة غير مبال بما قد يسببه عمله هذا من إعاقة حقيقية للشخص الذى سوف يستخدم الموقف. شخص ثان يوقف مركبته في المواقف العامة محتلا مساحة عربتين دون اكتراث بما قد يسبب عمله هذا من معاناة لسائق أخر يحاول إيجاد موقف لسيارته.

شخص ثالث يقود عربته على الطرق الخارجية ثم يفتح الشباك فجأة ليرمي بمخلفات في الشارع العام دون أن يبالي بما قد يتسبب عمله ذاك من حوادث قاتلة للأخرين وتلوث للبيئة وتخريب لها .

شباب حديثي التخرج يغرقون في بحر الديون لأنهم وبكل بساطة استسهلوا الاقتراض من البنوك لشراء تلك السيارة الفارهة التي كانوا يحلمون بها عوضا عن سيارة اقتصادية صغيرة تفي بالغرض، وأخرون غارقون في بحر الرفاهية متناسين واجباتهم الأسرية والاجتماعية فترى تركيزهم منصبا على أخر صيحات التكنولوجيا والسيارات والموبايلات والادوات التقنية الأخرى عوضا عن التركيز على أسرهم وعملهم.

ربة منزل تحرص كل الحرص على نظافة منزلها ولكنها لا تكترث برمي المخلفات بطريقة غير حضارية خارج منزلها. وأخرى تحرص كل الحرص على تخزين كميات مبالغ فيها من الاطعمة في منزلها ولذا تحرص على شراء كميات هائلة من الطعام من السوبرماركت وكأن العالم مقبل على مجاعة.

أبوان يحرصان كل الحرص على تربية وتدليل الأبناء وتوفير كل متطلبات الرفاهية لهم بما فيه الدراجات والسيارات الصغيرة التي يستخدمها الصغار على الشوارع الداخلية متسببين في ازعاج للقاطنين في الاحياء وفي حوادث مميتة لهم وللأخرين في أحيان كثيرة، وأبوان أخران يحرصان على شراء كل ما يطلبه الأبناء من متطلبات دون دراية بما قد ينتج من عملهما هذا من إفساد للأبناء ودفعهم في طريق لا يعرفون نهايته .

طلاب وطالبات جامعيون وفي عمر الزهور يحرصون على تقليد الموضة الغربية في السلوك والمظهر من "ايمو" ( وهي صرعة غربية عبارة عن لبس الاسود ووضع المكياج الاسود) و"بويات" بالنسبة للفتيات غير آبهين بما قد يسببه هذا من أضرار بمظهرهم أو العادات والتقاليد الاجتماعية أو الهوية الوطنية التي نحاول جاهدين حمايتها وحفظها للأجيال القادمة، أو حتى بما قد يسببه ذلك التقليد من تقليد أخرين لهم.

طالبات جامعيات يحرصن كل الحرص على الأناقة التامة والمظهر المبالغ فيه وكأنهن يتهيأن للذهاب لحفل ساهر بينما يهملن واجباتهن الدراسية وكأنها أخر همهن. شباب في عمر الزهور يتباهون بسلوكيات تعتبر مرفوضة اجتماعيا ودينيا ومجتمعيا وعلى الرغم من رفض المجتمع لها الا أنهم يصرون عليها في تحد صارخ لمشاعر الأخرين.

مدير مسؤول يحرص كل الحرص على قضاء كافة احتياجاته الخاصة خلال دوامه الرسمي دون اكتراث بمسؤوليات العمل ومتطلبات المراجعين ومعاناتهم للوصول اليه، وأخر يستخدم سلطته ونفوذه في تعيين أصدقائه ومعارفه في وظائف عامة دون الاكتراث بالمعايير المهنية أو الكفاءة أو المؤهل.

سلوكيات كثيرة كهذه تحدث أمامنا كل يوم فتثير في نفوسنا الاشمئزاز أحيانا وعدم الارتياح أحيانا أخرى، خاصة عندما لا نكون قادرين على تغييرها أو القيام بشيء إزائها. عذر هؤلاء أنهم يملكون الحرية الشخصية وبالتالي حرية التصرف غير مدركين بأن حرية الشخص تنتهي عندما تبدأ حرية الأخرين.

وبأننا جميعا نعيش في مجتمع يوجب علينا أن نحترم حريات الأخرين ومشاعرهم وأن نحترم عادات المجتمع ولا نخرج بعيدا عن الأعراف الجيدة الموضوعة. ما يحدث من سلوكيات كهذه مرفوضة لأنها وبكل بساطة تسيء لنا جميعا وتسيء لمشاعرنا وتظهرنا بمظهر غير لائق أمام أنفسنا أولا قبل الأخرين.

هناك من يقول بأن المجتمع الفاضل غير موجود أصلا على الأرض وبأن هذه السلوكيات الفردية موجودة في كافة المجتمعات، ووجودها دليل على الحراك الموجود في المجتمع . نعم، هذا صحيح، ولكننا لا نريد ترك الحبل على الغارب فأملنا أن مجتمعنا محصن بالدين وبالأخلاق. ولكن إذا ما تركت الأمور دون تنظيم فإن مجتمعنا مرشح لأن يصبح كبقية المجتمعات التي لا تملك نظاما أو قانونا اجتماعيا.

 

Email