الطيارات الكويتيات وعزوف الرجال

ت + ت - الحجم الطبيعي

خبر شدني على صفحات موقع «أرقام» نشر في 2\2\2013 وهو منقول عن جريدة «الرأي العام الكويتية» التي كتبت عن مصادر عسكرية كويتية أنها «تدرس حالياً ضم الفتيات إلى القوات الجوية، حيث ستكون البداية بتولي الفتيات قيادة طائرات الطيران العمودي والمروحيات، وطائرات النقل». ولماذا الحديث عن فتح باب الالتحاق بالقوات الجوية فتشير الجريدة نقلاً عن مصادر مسؤولة هو «عدم إقبال عدد كاف من الشباب على العمل في هذا المجال، لافتة (أي تلك المصادر) إلى أنه تم الإعلان عن دورة طيارين فلم يتقدم سوى سبعة من الشباب فقط»!

ليس ما شدني إلى هذا الخبر الإعلان عن قبول الفتيات الكويتيات في سلك الطيران، فالمرأة الكويتية قد أثبتت أنها قادرة على دخول كل المجالات التي كانت إلى عهد قريب حكراً على الرجل. فهي انخرطت في سلك الشرطة، ونراها في المطار على سبيل المثال، تؤدي دورها كما يؤديه أخوها الرجل. واقتحمت العمل السياسي، فأضحت نائبة في مجلس الأمة والمجلس البلدي، وهي أيضاً تبوأت المنصب الوزاري، بل إن هذه المناصب لم تعد حكراً على «بنات الحضر»، فذكرى الرشيدي كسرت هذه القاعدة بتسلمها وزارة الشؤون في التشكيلة الأخيرة.

لكن ما شدني إلى هذا الخبر في حقيقة الأمر هو الاختلال الواضح في خيارات شبابنا نحو العمل، وعدم اتساق ذلك مع إمكانيات الدولة في التوظيف، حيث تعاني الوظائف في القطاع الحكومي تخمة وتكدساً لا تخطئه العين، إذ وصل عدد العاملين من المواطنين بإدارات الدولة إلى الثلاثمائة ألف موظف، مع وجود نسبة بطالة بمعدل 12٪ في الفئة العمرية الباحثة عن العمل وهي بين (19 - 25)! أما القطاع الخاص، فإنه يستقطب أقل من ثلث ذلك الرقم (نحو 60 ألف فرد)، والكثير من هؤلاء بدؤوا بالبحث عن أعمال في القطاع الحكومي بعد الزيادات السخية التي تقررت أخيراً!

على أن ظاهرة عزوف الشباب الكويتي عن العمل في المجال الجوي قد تكون لها جوانب إيجابية، أو كما يقول مثلنا العربي «رب ضارة نافعة»، فهي تفسح المجال أمام المرأة الكويتية لولوج قطاع جديد هي قادرة على القيام بأعبائه خير قيام شأن قريناتها في الدول المتقدمة.

ولعل ما يساعد المرأة الكويتية على ذلك، أنها أخذت تبز أخاها الرجل في تحصيله بالتعليم العالي، فهي تمثل ثلثي الملتحقين بجامعة الكويت والبالغ مجموعهم أكثر من خمسة وثلاثين ألفاً، وبالتالي فهن يحتللن نفس النسبة من الآلاف الثمانية من خريجي الجامعة، وبجميع التخصصات العلمية. ليس هذا فحسب، بل إن نسبة النساء الكويتيات من سن 25 عاماً وما فوق، الحاصلات على درجة دبلوم أو أعلى هي 61٪ مقارنة بنسبة 39٪ للرجال (جريدة الوطن، 11\4\2012).

أما في مجالات العمل المختلفة سواء في القطاع الحكومي أو في القطاع الخاص، فإن المرأة الكويتية تشكل نصف القوة العاملة الوطنية، وتزاول جميع الأعمال والوظائف تقريباً خاصة في سلك التعليم، علماً بأن مدارس المرحلة الابتدائية التدريس فيها مقتصر على العنصر النسائي. أ

و في المجال الصحي كطبيبات بالدرجة الأولى. ولا يعدم أن تراها في المناصب العالية كمديرة أو وكيلة وزارة أو مديرة في أقسام مهمة من البنوك وأفرعها الكثيرة فضلاً عن الشركات الاستثمارية. وتقترب أعداد المواطنات الحاصلات على درجة الدكتوراه اللواتي يزاولن التدريس في جامعة الكويت من أعداد زملائهن من المواطنين. وهناك توجه قوي الآن بتعيين قاضيات بالذات في محاكم الأحوال الشخصية.

وخلاصة القول، إن المعوقات الثقافية التي كانت تقف ضد مشاركة المرأة الكويتية مشاركة فاعلة في الحياة العامة سواء الاقتصادية منها أو السياسية بجميع مجالاتها أخذت تتهاوي، فلا أحد يثير هذه الأيام اعتراضات على مزاولتها لهذه المهنة أو تلك. ولا شك في أن هذه علامة من علامات التقدم والرقي الاجتماعي.

 

Email