أميركا وحلول مشكلة العنف

ت + ت - الحجم الطبيعي

بعد مأساة كمذبحة مدرسة "ساندي هوك" الابتدائية في نيوتاون بولاية كونيتيكت، أصبح إدخال أي شيء يفتقر إلى الجدية إلى الخطاب العام بشأن الأسلحة أمراً حساساً. غير أن الرابطة الوطنية للبنادق أطلقت، أخيراً، رصاصات عدة على هذا الحاجز بالذات على لسان نائب رئيسها التنفيذي وين لابيير.

ويتمثل حل الرابطة الهستيري للعنف المسلح في أميركا في وضع ضباط شرطة مسلحين في كل مدرسة أميركية. وفيما يبدو، فإن السر يكمن في خلو مثل هذه الأماكن من السلاح، ويقول لابيير إن: "(المناطق المدرسية الخالية من السلاح) تخبر كل قاتل مجنون في أميركا بأن المدارس تمثل الأماكن الأكثر ملاءمة لإلحاق أقصى قدر من الفوضى بأدنى قدر من المخاطرة".

لماذا إذن لا تقع حوادث إطلاق النار في المدارس كل يوم؟ ربما لأن "القتلة المجانين" يفتقرون إلى عمليات التفكير المنطقي التي نسبها إليهم لابيير. وهذا هو السبب في أنهم، بحكم تعريفهم، مجانين.

وبالمثل، لماذا يضاهي كل سيناريو تقترحه الرابطة الوطنية للبنادق دائماً شيئاً مأخوذاً من فيلم لسيلفستر ستالون؟ وإليكم بعض الأمثلة:

- يدخل لص ما إلى منزلكم حاملاً بندقية. وجل ما يريده على الأرجح هو سرقة أغراضكم والهرب. وحقيقة أنه بلغ من اليأس ما دفعه إلى السرقة تعني أنه يحتاج إلى المال أو المتاع في أحسن الأحوال، أو أنه يعاني من عدم الاستقرار النفسي في أسوأ الأحوال. لذا فإنه من الأفضل لكم أن تحضروا سلاحكم، وتصوبوه نحو الدخيل، وتضغطوا على الزناد، أليس كذلك؟ لا!

ففي حين أن ذلك قد يبدو سهلاً، فإن الأفضلية تبقى للص، إلا إذا كنتم أنتم مرضى نفسيين. وقد قدر بريغادير جنرال إس إل إيه مارشال معدل إطلاق النار بين جنود الحرب العالمية الثانية بما يتراوح بين 15% و20% فقط من الحد الأقصى، حتى عندما كان العدو مكشوفاً، وهو ما يعني أن الجنود وجدوا القتل أمراً معارضاً للحدس بشكل مانع، ولم يقتلوا العدو رغم تمكنهم من تصويب أسلحتهم نحوه.

وبالتالي فإنكم لو ظننتم أنكم ستقتلون اللص فحسب، كما في الأفلام، فإنكم إما تفتقرون إلى الوعي الذاتي، أو أنكم ذلك النوع من الأشخاص الذين لا ينبغي لهم تطبيق العدالة من جانب واحد على النحو الذي يرونه مناسباً.

- يركض شخص ما باتجاهكم في موقف للسيارات، ويحمل مسدساً ويطلب منكم أن تعطوه نقودكم. لو كان الأمر عائداً للرابطة الوطنية للبنادق، لجعلتكم تسحبون مسدسكم الخاص وتطلقون النار عليه. وبذلك تحل المشكلة، أليس كذلك؟ لا!

فالجاني يتمتع بميزتين مهمتين، مقارنة بالشخص العادي الذي يحمل مسدساً، وهما أنه البادئ، وأنه مجنون. وفي حال رأى أدنى مؤشر إلى أنكم تحملون مسدساً، فإنكم ستصبحون في عداد الموتى. .

وفي الواقع، فإن الجاني إذا كان قريباً بما يكفي لأن يريد سلبكم شيئاً، فإنه إذن قريب بما يكفي لأن تتمكنوا من استخدام بديل للسلاح ناري. ومن الأفضل لكم أن تستخدموا أحد تلك الأجهزة فائقة التكنولوجيا التي تطلق هلاماً يحتوي على الفلفل بنسبة 10%، والمصنوعة في سويسرا. فأنا نفسي أحمل واحداً منها، ولم أشعر يوماً بأن السلاح سيجعلني أكثر أماناً.

فالهلام، بسرعة نشر تبلغ 110 أميال في الساعة (باستخدام تقنية الوسادة الهوائية)، ومسافة فعّالة تبلغ 13 قدماً، ونصف قطر يقرب من قدمين، يستطيع أن يعيق الجاني دون أن يقتله، وهذا كله قبل أن يعرف سبب وجود تلك الأداة معكم. وعلاوة على ذلك، فإنكم ستكونون أكثر ميلاً من الناحية النفسية لاستخدام هذا الجهاز دون تردد، نظراً لمعرفتكم بأنه لن يقتل الرجل.

- يدخل رجل مسلح إلى مركز للتسوق، ويطلق النار باستخدام سلاح هجومي. لو حدث ذلك في عالم الرابطة الوطنية للبنادق، لكان الجميع مسلحين، ولأردوا الرجل قتيلاً فحسب. وبالتالي، فإنه لو كان هناك 100 شخص مسلح، كما تحلم الرابطة، لاخترقت كل رصاصة الجاني ولواصل الجميع حياتهم بصورة طبيعية. ولكن الاحتمال الأكثر واقعية هو أن الجميع سيطلق النار على بعضهم البعض، وعلى واجهات المحلات، وعلى الرجل الذي يرتدي زي حيوان ويوزع المنشورات الترويجية.

وبالفعل، فإن هناك أشخاصاً يملكون من المهارة والتدريب والخبرة والصرامة البدنية والعقلية والانضباط والتدريب النفسي ما يمكنهم من أداء هذا النوع من البطولة الذي تحب الرابطة الوطنية للبنادق أن تنسبه إلى أي شخص يقدر على حمل السلاح. ويسمى هؤلاء الأشخاص بالقناصة، وهم، حتى بين عناصر الجيش، يكونون مؤهلين بشكل فريد لمهامهم.

وتدريبهم النفسي للتغلب على النفور البشري الطبيعي من القتل من مسافة قريبة هو بالتحديد ما أعطى البريطانيين ميزة ضد الأرجنتينيين في حرب جزر فوكلاند. والأشخاص الذين يعتقدون أنهم يملكون تلك القدرة، ربما يعتقدون أيضاً أنهم يستطيعون الفوز على مايكل فيلبس في حوض السباحة.

إننا بحاجة إلى حلول معقولة وفعّالة وذكية، لا إلى دفع للأجندة يهدف لخدمة مصالح ذاتية بشكل غير مبرر. فكلما خرجت الأمور عن السيطرة، زاد خطر الوصول إلى نقطة القمع الكلي للحرية.

 

Email