العرب بين حريم السلطان والانتخابات الأميركية

ت + ت - الحجم الطبيعي

لأول مرة لا أرى حماساً عربياً واضحاً تجاه الانتخابات الأمريكية هذه السنة بعد انتظار دام أربع سنوات!!! مع أنه بعد غد سيحدد الأميركيون رئيسهم القادم. هل يعقل أن لا يهتم الرأي العام العربي بهذه المسألة التي في العادة تشغل ثلاثة أرباع وقته؟

وطالما حشر العرب أنوفهم في خضم المعارك الانتخابية الأميركية بحماس يفوق حماس الأميركيين، رغم أنه لا معزة لهم فيها ولا خروف! فعادة، وقبل سنة من الانتخابات وقبل أن يفكر الأميركيون في الأمر، نجد العرب صغيرهم وكبيرهم قد سبقوهم إلى الدخول في تحليلات ونقاشات وحوارات وصراعات وزعل وطلاق وخلافات إعلامية وديوانية ومنزلية ومطبخية، وفي رهان على الرئيس القادم، يعقبه تطبيل لهذا وشماتة بذاك، وبعد إعلان نتيجة الانتخابات يعود كل إلى ما كان عليه.

لا بد أن هناك أمراً ما.. وحيث كما يقول المثل العربي، "لأمر ما جدع قصير أنفه"، فإنه لا بد من سبب وراء عدم الاكتراث العربي هذا؟

هناك من يعتقد أن العرب وجدوا في زهور فصل الربيع العربي متنفساً لما كانوا يكتمونه في صدورهم من الإحباط المزمن الذي جعلهم يعيشون ويتعايشون ويتحمسون للانتخابات الأميركية وكأنها تحدث نيابة عنهم. فكثيرا ما يحدث أن يقوم أصحاب الرواتب المتدنية والفقراء بزيارة معارض السيارات الفاخرة لمجرد التنفيس عن حلم لا يتحقق.

وهذا ما كان يحدث لنا. لذلك كنا قبل انقلابات الربيع العربي ننتظر بفارغ الصبر حملات الانتخابات الأميركية ونتابعها بكل تفاصيلها التي يجهلها الأميركي المعني بالأمر. بل ان المحللين العرب ربما تفوقوا في كثير من الأحيان على الأميركيين في توقع النتائج!

وآخرون يرون أنه ربما يعود إلى الإحباط المتكرر لدى العرب من مواقف الرؤساء الأميركيين المرشحين والمنتخبين إزاء قضايا الأمة العربية والإسلامية منذ أن كانت هناك انتخابات رئاسية أميركية. فالكثير منا كان يزج بنفسه في تأييد رئيس أميركي ضد رئيس أميركي آخر لدواع سياسية. فقضية فلسطين كانت الشاغل الأكبر بالنسبة لنا، وكنا نعتقد بأن هذا الرئيس القادم حتى ولو كان بوشياً، سوف يعيد أرض فلسطين إلى أهلها وسيطرد منها اليهود! ثم لا يلبث الرئيس الجديد الذي صفقنا له وهتفنا باسمه، أن يضرب بنا وبالقضية الفلسطينية عرض الحائط.

وكان انتخاب الرئيس باراك أوباما قبل أربعة أعوام آخر أمل للعرب والمسلمين والمظلومين حتى ان بعض العرب غرق في البحث عن أصل لقب باراك، وذهب به حماسه بعيداً فأعاد لقب باراك إلى (مبارك)، وعلق متحمس ثان صورته على باب بيته.

بينما تنبأ آخر بأن باراك أوباما سيكون فال خير ويسر للعرب وللمسلمين لأن لديه شامة على صفحة خده الأيسر. غير أن أوباما، ذا الأصول الزنجية والمسلمة، والذي عانى أجداده من الاسترقاق الأميركي، والذي تأملنا به وبمعاناة أجداده ودينه خيرا، سرعان ما قلب علينا ظهر المجن! وكل وعوده بالاهتمام بقضايا المسلمين والفلسطينيين ذهبت أدراج الهبوب!

وهكذا اكتشف العرب والمسلمون أخيراً، بأن التصفيق لهؤلاء كمن ينفخ في قربة مقطوعة. وإن اهتمامهم الشديد بالانتخابات الأميركية لن يعود عليهم إلا كما عاد على مشجعي نادي برشلونة احتقاره لمشاعر العرب والمسلمين!

بينما ظن العديد منا أن السبب هو أن الولايات المتحدة الأميركية لم تعد تمثل تلك القوة العظمى التي تهيمن على العالم. وخاصة بعد انسحابها المخزي من أفغانستان والعراق أمام ضربات المقاومة.

وربما لعبت الأحداث في سوريا دورا أكبر في عدم اهتمام العرب بالانتخابات الأميركية حيث توجهت أنظار العرب والمسلمين إلى ما يشبه المجازر البشرية اليومية. خاصة وأن أميركا وقفت عاجزة أمام العناد الروسي الصيني.

وهناك من توصل إلى أن السبب الأول في عدم الالتفات إلى الانتخابات الأميركية يعود إلى مسلسل (حريم السلطان).... فأكثرية المحللين السياسيين العرب منشغلون مساء بمشاهدة معارك النفوذ بين هُيام وإيزابيل، وفي الصباح في عمل المقارنات مع أوضاعهم الداخلية؟

 

Email