أربع نصائح لتقبل الواقع الاقتصادي الحالي

ت + ت - الحجم الطبيعي

بات واضحا الآن بالنسبة لجميع الناس، حتى أقلهم إدراكا، أنه بصرف النظر عمن سيفوز في أي انتخابات مستقبلية، فإنه لن يغير واقع الأميركيين الاقتصادي بالسرعة التي ترضيهم.

وذلك فقط في حال تمكن من التحلي بالشجاعة لتجاوز جميع جماعات الضغط والمصالح الخاصة، لتنفيذ أية افكار مهمة على الإطلاق، وهو أمر غير مرجح في جميع الحالات. فعليهم نسيان التعويل على أن يحدد السياسيون مصائرهم، ويتولوا مسؤولية وضعهم الخاص. وها هي الطريقة:

1- لا تنتظروا فرصة للعمل، بل أوجدوها لأنفسكم. فقد أفسدت الاستحقاقات العلاقة بين العمل والأجر، بحيث إن مجتمعنا نسي المعادلة الأساسية للبقاء على قيد الحياة.

فحددوا ما يستحقه وقتكم وتعليمكم ومهاراتكم وخبرتكم، وضعوا سعرا له، ثم اخرجوا وبيعوا هذا كله. تقصوا مطالب السوق، ثم قرروا كيف يمكن لمهاراتكم أن تخدمها بالطريقة الأمثل. ولا تنتظروا أن يعطيكم أحد المال لكي تبدأوا مشروعا تجاريا، ابدأوا صغارا، وانموا فعليا ببطء، وأعيدوا استثمار أية أرباح تحققونها في المشروع نفسه.

ولا تقلقوا بشأن البدء بالقليل، فكل مشوار لا بد أن يبدأ بخطوة أولى، ويمكنكم كذلك الاستثمار في أنفسكم. وعلى أية حال، فقد وجدت دراسة حديثة أجراها مشروع قانون العمل الوطني، أن 58% من فرص العمل الجديدة التي تم إنشاؤها خلال فترة الانتعاش تقدم "أجورا منخفضة"، أي أقل من 13,83 دولارا للساعة. وإذا كان وقتكم يستحق أكثر من ذلك، فابدأوا بالمطالبة بالمزيد.

وفي حين أن أحدا لا يدفع لكم ما تريدون، فإنكم لستم مدينين لأحد كذلك. إنكم أحرار تماما، فشاركوا متعهدين مستقلين آخرين مثلكم متى احتجتم إلى ذلك، فلا يستغل أحدكم الآخر في نهاية المطاف. ولكن الجانب السلبي هو أنكم لا تستطيعون المطالبة بأجر أثناء توقفكم عن العمل، ولكنكم تستطيعون أخذ عطلة متى شئتم.

2- انظروا إلى الخارج، فالمصنع الأميركي يقع في الصين الآن، واحتمال فرض أي سياسي أميركي لرسوم تصدير كافية على أي سلع تصنع هناك، يتراوح بين الضئيل والمعدوم.

ورغم وصف ميت رومني المتواصل لروسيا بـ"العدو الجيوسياسي" أو ما شابه ذلك، فقد انضمت تلك الدولة إلى منظمة التجارة العالمية في 22 أغسطس الماضي. ومهما تحدث السياسيون عن النزعة الحمائية، فإنها لا تعكس الواقع. وعلى نحو متزايد، تضمحل القيود المفروضة على ممارسة الأعمال التجارية في الخارج.

فلم لا تلقون نظرة على الفرص المتاحة لكم خارج الولايات المتحدة؟ أجروا بحوثا عن ثقافة أخرى، وتعلموا لغة جديدة، بل وسافروا إلى الخارج، الأمر الذي يسهله العديد من البلدان للعاملين لحسابهم الخاص. ولم يحدث أن مكنت التكنولوجيا، في أي مرحلة من مراحل تاريخ العالم، الشخص العادي من الوصول إلى السوق العالمية كما تفعل الآن.

3- تجاهلوا وول ستريت، ابتعدوا عنه كليا فحسب. وقد تقولون: "ذلك أمر مستحيل!". لا، إنه ليس كذلك، تماما كما أنه من غير المستحيل أن تتجنبوا المقامرة في الكازينو الواقع في حيكم، فكل ما يتعين عليكم فعله هو إبقاء أموالكم بعيدة عن كليهما.

وما مدى تعقيد ألا تنفقوا سوى ما تكسبونه بعرق جبينكم؟ عندما تكسبون مبلغا أقل، أنفقوا مبلغا أقل، وعندما تكسبون مبلغا أكبر، لا تقامروا به في وول ستريت أو أي مكان آخر، ولكن ضعوه في حساب مصرفي لا ينطوي على أية مخاطرة.

وما حجم "العوائد" التي حققتموها على الإطلاق عبر الاستثمار في وول ستريت؟ من المرجح أنه يتراوح بين الضئيل والمعدوم. وليست هناك صيغة سحرية، رغم ما يحاول المستشارون الماليون إقناعكم به، إذ إنكم تعملون، فتحصلون على المال، فتنفقون ما تجنونه فحسب.

وقبل أن تصلوا إلى الحضيض، ابتعدوا عن جهاز الصراف الآلي، واذهبوا لمشاهدة التلفزيون أو العمل لمزيد من الوقت. ولا تشتروا منزلا تعجزون عن دفع ثمنه، ولكن استأجروا واحدا إلى أن يصبح الشراء بإمكانكم.

4- احرصوا على أن يكون أبناؤكم مستعدين للواقع. أخبروهم وهم لا يزالون في المدرسة الابتدائية، بأنهم سيضطرون إلى إيجاد وسيلة لدفع تكاليف تعليمهم الجامعي بأنفسهم، حتى لا يعلقوا في وظيفة متدنية الأجر بقية حياتهم.

وهذا يعني أنه، بدلا من التفوق في ألعاب "إكس بوكس"، أو تحديث صفحة "فيسبوك"، أو التغريد، أو حشو الوجه بحلوى "توينكي"، سيتعين عليهم إيجاد شيء يستحق الحصول على منحة جامعية، مثل الأنشطة الرياضية أو الأكاديمية.

اجعلوهم يفكرون في جميع الأشياء التي يحلمون باقتنائها، ومن ثم اسألوهم عن نوع التعليم الذي ينوون السعي وراءه لدفع ثمن تلك الأشياء. وإذا كانوا، على سبيل المثال، يأملون في شراء سيارات من طراز "فيراري"، وإنجاب خمسة أبناء بعد الحصول على شهادة الفلسفة، فاطلبوا منهم أن يبينوا لكم كيف يمكنهم موازنة هذه المعادلة.

ومن شأن فرض هذا التفكير الانتقادي، أن يجنب الآباء الحاجة إلى اجتياز حشود من المحتجين في وول ستريت، للعثور على أبنائهم عندما يقررون لاحقا التحرك لسد التفاوت الهائل بين توقعاتهم والواقع.

Email