محاولات فاشلة لكبح تجارة الهيروين الأفغانية

ت + ت - الحجم الطبيعي

لفت مصدر روسي أخيراً انتباهي إلى مقال غامض ولكنه مثير للقلق. أشار المقال، الذي نشرته الشهر الماضي مجلة إلكترونية غير معروفة تدعى "أورينتال ريفيو"، تحت عنوان "المسعى النشط وتهريب المخدرات"، إلى أنه لم تتم مصادرة غرام واحد من الهيروين في البحر المتوسط منذ بدء عملية "المسعى النشط"، وهي عملية بحرية أطلقها حلف شمال الأطلسي بعد هجمات 11 سبتمبر بشهر واحد، بهدف "مراقبة النقل البحري من أجل كشف الأنشطة الإرهابية وردعها والحماية منها".

وأول ما خطر ببالي هو أن تلك المعلومة ربما حُرفت لسبب ما، من قبل المجلة التي تدعي أنها تتخذ من موسكو مقراً لها. ولكن لدى إجرائي المزيد من البحث، وجدت أن روسيا نفسها لم تشارك في العملية كدولة لا تنتمي إلى حلف شمال الأطلسي فحسب، ولكن الروس تعاونوا أيضاً مع القوات الأميركية في ما بعد أحداث 11 سبتمبر من جهود مكافحة انتشار الهيروين في أفغانستان. وفي نوفمبر 2011، نقلت "رويترز" عن القيصر الروسي المناهض للمخدرات، فكتور إيفانوف، قوله إن الهجمات الروسية الأميركية الخمس على مختبرات الهيروين في أفغانستان، والتي شنت على امتداد خمسة أشهر في أواخر 2010 وأوائل 2011، مثلت أساساً إجمالي جهود مكافحة الهيروين هناك. وبدا إيفانوف محبطاً بسبب العملية "المرهقة"، المتمثلة في الحصول على الموافقة العسكرية المفروضة كشرط مسبق لأي هجوم من هذا القبيل، وبدا وكأنه يحمل هذه العملية مسؤولية فشل جهود مكافحة الهيروين في أفغانستان.

ولم قد تشعر روسيا خاصة بالإحباط؟ ذكرت صحيفة "هيندو"، وهي صحيفة هندية ناطقة باللغة الإنجليزية، في مقال نشرته عام 2008، أن أفغانستان تساهم بـ90% من الهيروين الروسي و93% من الهيروين العالمي. ونقل المقال عن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قوله: "لسوء الحظ، فإن "الناتو" لا يفعل شيئاً لتقليل خطر المخدرات الذي تشكله أفغانستان، ولو بدرجة بسيطة. وكل ما يفعله هو الجلوس ومراقبة القوافل وهي تنقل المخدرات من أرجاء أفغانستان إلى دول الاتحاد السوفييتي السابق وأوروبا".

وتساهم هذه الخلفية في توضيح تاريخ سخط روسيا الأوسع نطاقاً على تهاون حلف شمال الأطلسي في وضع حد لتجارة الهيروين، كما تفسر تناول مقال "أورينتال ريفيو" لاعتراض، أو عدم اعتراض، السفن التجارية المحملة بالهيروين في البحر الأبيض المتوسط.

ووفقاً لكريغ موراي، وهو السفير البريطاني السابق في أوزبكستان الذي كتب مقالاً في صحيفة "ديلي ميل" عام 2007، فإن "ملايين الغالونات المليئة بالمواد الكيميائية اللازمة لعملية "إنتاج الهيروين"، يتم شحنها إلى أفغانستان بالناقلات. وتتقاسم الناقلات وشاحنات الأفيون المتجهة إلى المصانع، الطرق التي تحسنت بفضل المعونات الأميركية، مع قوات حلف شمال الأطلسي".

فلم لم يبادر "الناتو" إلى مصادرة أي كمية من الهيروين أو المواد الكيميائية المستخدمة في إنتاجه؟ لقد توجهت إلى دبلوماسي أميركي رفيع المستوى، فأوضح لي أن "حلف شمال الأطلسي لم يتخذ أي إجراء ضد تجارة المخدرات، وقد واظبت وزارة الدفاع الأميركية على رفضها التعاون مع وزارة مكافحة المخدرات في أفغانستان".

ولكن ألا ينظر حلف شمال الأطلسي إلى كبح تجارة الهيروين باعتباره جزءاً من مهمة مكافحة الإرهاب، نظراً لأن هذه التجارة تشكل في ما يبدو مصدراً رئيسياً لتمويل المبادرات الإرهابية؟ وهي بالفعل مصدر رئيسي للتمويل الإرهابي، إذ أنها تقدم 150 مليون دولار سنوياً لحركة طالبان، و7 مليارات دولار سنوياً على مستوى العالم، وذلك وفقاً للقيصر الروسي المناهض للمخدرات إيفانوف.

ومع ذلك، فإن حل إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما، بالنسبة للسنة المالية 2013 على الأقل، ينطوي على رمي 179,1 مليون دولار في تجارة المخدرات الأفغانية، عبر وزارة الخارجية، وعبر المقاولين الخاصين الذين يراهنون على فرص وكالة المعونة الأميركية من خلال عملية الشراء الفيدرالية. ويفيد تقرير "الميزانية الوطنية لمكافحة المخدرات: 2013" أنه "في أفغانستان، ستواصل وكالة المعونة الأميركية تركيزها على الحد من إنتاج المحاصيل غير المشروعة، من خلال تعزيز سبل العيش البديلة».

فهل ستتوقف طالبان عن المتاجرة بالهيروين، لمجرد اقتناعها بأن زراعة الذرة أو أي محصول آخر تشكل بديلاً أفضل؟ لا أعرف من يتعين عليه أن يكون متأثراً بالهيروين بدرجة أكبر، لكي يصدق أن هذه الطريقة ستجدي نفعاً!

Email