ألف مبروك لأبناء الإماراتيات

ت + ت - الحجم الطبيعي

بشائر الخير هلت على أبناء الإماراتيات بعد أن أصدر صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد، حفظه الله، مراسيم اتحادية بتجنيس ألف و117 من هذه الفئة ممن انطبقت عليهم شروط اكتساب الجنسية، وهذه ستكون الدفعة الأولى لتتلوها دفعات أخرى، حيث ان الأمر السامي الذي صدر سابقاً قد نص على منح أبناء المواطنات جنسية الدولة عند بلوغهم سن 18 عاماً. وهذه لفتة كريمة من قيادة حكيمة تريد الخير لأبنائها سواء أكانوا من الرجال أم النساء، وهي تأتي مواكبة لنهضة بلد يشق طريقه نحو التقدم والتطور بخطى ثابتة، وهي فوق هذا وذاك تساير ما استقرت عليه شرائع الأمم المتقدمة من نبذ التفرقة على أساس الجنس.

إن الأمر السامي بمنح الجنسية لأبناء المواطنات هو خطوة مهمة في طريق الاستفادة من طاقات شريحة من أبناء الوطن الذين ترعرعوا بين جنباتها وأنفقت عليهم الدولة بسخاء: تعليماً ورعاية صحية وسكنية وغيرها، وأصبحوا لا يعرفون وطناً لهم غير ذلك الذي ولدوا على أرضه وهو دولة الإمارات العربية المتحدة، وحناجرهم تصدح بنشيدها الوطني، وولاؤهم لترابها وثراها ولحكامها ونظامها السياسي. وأمهاتهم المواطنات قد أسهمن بدورهن في تربيتهم على حب هذا الوطن والذود عن ترابه وحكامه ونظامه.

والولاء هو العنصر الأساسي في الجنسية، بل لقد ذهب فقهاء القانون في تعريف الجنسية إلى قولهم «إنها العلاقة التي تربط بين فرد ودولة». وبالطبع، فإن ولاء أبناء المواطنات الإماراتيات لبلدهم لا يحتاج إلى بيان أو برهان، فهؤلاء كما قلنا قد تربوا على هذه الأرض في ظل رعاية الدولة لهم وفي كنف أمهاتهم اللواتي أرضعنهم حب الوطن. إن هؤلاء جزء لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي شأنهم في ذلك شأن أقرانهم من أبناء المواطنين.

وهذا الأمر السامي فضلاً عن إنصافه لشريحة واسعة من أبناء وبنات الإمارات وإدخال السكينة والطمأنينة على قلوبهم وقلوب ذويهم، فإنه يساهم في سعي الدولة الحثيث إلى تعديل التركيبة السكانية، ليس بالتجنيس العشوائي، الذي له آثار اجتماعية غير محسوبة، وإنما بالتجنيس الانتقائي لشريحة تنطبق عليها كافة شروط الجنسية وفلسفة قانونه ومراميه. وفي هذا الإطار قامت دولة الإمارات في وقت سابق أيضاً، بتجنيس دفعة من عديمي الجنسية أو ما يسمون بالبدون تربو على الألف شخص. ويا حبذا لو تم الإسراع بتجنيس جميع المستحقين من هذه الفئة وغلق هذا الملف بشكل نهائي.

وحديث تعديل التركيبة السكانية هو حديث متكرر يتداوله المسؤولون والمثقفون في أقطار الخليج العربي كلما التقوا، واستطيع القول باطمئنان أن لا أحد منهم يطرح التجنيس الجماعي طريقاً لتعديل التركيبة السكانية المختلة في كل دول المنطقة، وهو الخيار الذي اتخذته أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية تعويضاً عن القوة العاملة التي فقدتها أثناء الحرب. أو تلك السياسة المتسامحة للهجرة ثم الحصول على الجنسية التي اتبعتها وما زالت الولايات المتحدة الأميركية، والتي هي بحق مجتمع مهاجرين انصهروا في بوتقتها الثقافية ليشكلوا شعباً عظيماً يقود العالم منذ نصف قرن.

إنما حديث هؤلاء وخيارهم ينصب حول التجنيس المدروس وعلى وجه الخصوص للكفاءات المهاجرة من عرب وغيرهم، والذين اتخذوا أقطار الخليج العربي مستقراً لهم منذ سنوات طويلة وساهموا في نهضتها، والبعض منهم طال بهم المقام حتى أصبح لهم أبناء لا بل وأحفاد أيضاً. وهؤلاء، تنطبق عليهم شروط كسب الجنسية بالتجنس التي ترد في قوانين دولنا الخليجية، من حيث توفر اكتساب مصدر الرزق، ومن حيث المدة الزمنية فضلاً عن السيرة والسلوك الحسن، ناهيك عن اندماج هؤلاء في المجتمع العربي الخليجي.

إن تجنيس هؤلاء بصورة انتقائية، حسب حاجة كل بلد، لن يؤدي إلى أعباء اقتصادية، كما يظن البعض، بل هو يساهم في إكثار عدد المواطنين قياساً إلى عدد الوافدين، وهو مطمح سياسة كل بلدان المنطقة، ذلك أن التحديات كبيرة، وما حبا الله المنطقة من ثروات كاف لأضعاف مضاعفة من سكانه، ناهيك عن أن دولنا ناهضة واقتصاداتها تسير إلى الأمام وهي بحاجة إلى قوة عاملة مدربة من مواطنيها. ولعل الخوف من «فقدان الهوية الوطنية» هو هاجس الكثيرين حينما ينبرون للوقوف أمام عمليات التجنيس أياً كانت أسبابها، ويربطون ذلك بسعي الراغبين في التجنس إلى الحصول على الامتيازات التي يحصل عليها المواطن. ولهؤلاء نقول إن قوانين الجنسية المقرة في دول منطقتنا الخليجية العربية تضع شروطاً هي كفيلة بالمحافظة على الهوية الثقافية لمجتمعاتنا، فالجنسية وفقاً لهذه القوانين لا تمنح إلا للشخص المندمج في ثقافة هذه المجتمعات وذلك لطول بقائه فيها، ولسلوكه الحسن المشهود له.

نقول في الختام، ألف مبروك للإماراتيات اللواتي قرت عيونهن برؤية أبنائهن وقد حملوا جنسية بلدهم، والذين يتطلعون إلى خدمتها في جميع المجالات، ونهنئ الإماراتيين على قيادتهم الحكيمة التي تعمل لرفاه مواطنيها وخدمتهم، ونغبط دولة الإمارات العربية المتحدة على تقدمها وتطورها في شتى المجالات والتي أصبحت موضعاً لإعجاب القاصي والداني.

 

Email