الإمارات وجهود حماية البيئة

ت + ت - الحجم الطبيعي

تعد قضية حماية البيئة والمحافظة على الموارد الطبيعية من الهدر والاستهلاك المفرط من القضايا التي أخذتها دولة الإمارات بجدية كبيرة تبعها عمل صادق دؤوب وإجراءات وتشريعات قانونية صارمة.

وعلى الرغم من حداثة الوعي البيئي في المنطقة ككل، إلا أن دولة الإمارات قد سبقت الكثيرين في اتخاذ الإجراءات الحمائية وفي تشريع القوانين التي من شأنها المساهمة في التخفيف من الآثار السلبية لاختراقات الإنسان ضد البيئة والحفاظ على بيئة سليمة وخالية من التلوث. فقبل عقد أو عقدين لم يكن الوعي الشعبي بأهمية هذه القضية منتشرا بل كان الاهتمام بهذه القضية محدودا.

ولكن منذ ذلك الوقت وحتى الآن ارتفع الوعي الرسمي والشعبي بأهمية الحفاظ على البيئة وعلى الموارد الطبيعية كالماء والكهرباء، وازدادت مراكز تجميع وتدوير النفايات كالورق والبلاستيك في أماكن كثيرة من الحيز العام، وازداد عدد المباني الخضراء، وظهرت جمعيات نفع عام هدفها نشر الوعي البيئي والتراث العمراني المناسب للبيئة، واتخذت إجراءات وقوانين عديدة من شأنها الحفاظ على الموارد الطبيعية من الهدر والضياع والحفاظ على بيئة صحية وسليمة خالية من التلوث.

كما كانت الإمارات من أوائل دول المنطقة التي شاركت في «ساعة الأرض» وهو مؤشر على ارتفاع الوعي بأهمية التعاون مع سكان الكوكب في الحفاظ على المصادر البيئية، هذا بالإضافة إلى المبادرات البيئية المتحضرة كإعادة تدوير زيت الطهي لاستخدامه كوقود والتي أعلن عنها مؤخرا.

ولم تقتصر الإجراءات الحمائية على ذلك بل تعدتها إلى حماية البيئة الفطرية وهو إجراء رسمي يدل على وعي متحضر جدا بأهمية الحفاظ على الكائنات الأخرى من الانقراض أو التهديد. فهناك العديد من الكائنات التي تعيش معنا على هذا الكوكب وتشاركنا موارده وهي مهددة بالانقراض إذا لم ينتبه الإنسان إلى أهمية الحفاظ عليها وتهيئة بيئة فطرية مناسبة لها.

فأحد أهم الأسباب التي نتجت عن سوء استخدام الموارد الطبيعية والإساءة إليها هو ذلك التغير المناخي الذي يحسه الجميع سواء في البلاد الحارة أصلا أو حتى في البلدان الباردة.

ولكن على الرغم من كل هذه الخطوات المهمة التي اتخذتها الإمارات في سبيل الحفاظ على البيئة إلا أن هناك لا تزال انتهاكات خطيرة للبيئة متمثلة في تلك الأساليب غير السوية في التعامل مع الموارد الطبيعية خاصة وفي الإساءة للبيئة وفي تزايد التلوث.

فالزحف العمراني وتجريف التربة في بعض المناطق لا يزال جاريا، وهدر المياه ما زال أكبر من المعدل بالنسبة لحجم الدولة، والهدر في الكهرباء لا يزال كبيرا جدا مقارنة مع مساحة وعدد سكان دولتنا، كما أن كمية النفايات التي ينتجها كل فرد لا تزال من المعدلات العالية جدا عالميا، ولا يزال الوعي بإعادة تدوير النفايات متدنيا جدا خاصة بين الفئات ذات التعليم البسيط وهم أغلبية في مجتمعنا.

كما أن نظرة على حدائقنا العامة في أيام العطل والإجازات تعطينا مؤشرا خطيرا على عدم وجود الوعي الكافي في كيفية التعامل مع المرافق العامة والإساءة المتعمدة للبيئة وعدم الاهتمام بأبسط قواعد النظافة العامة.

كما تدلنا أماكن التجمعات الكبيرة مثل الأسواق والميادين وغيرها من الأماكن العامة على عدم الامتثال لقوانين النظافة العامة نتيجة عدم وجود الوعي الكافي بين الكثيرين، على الرغم من حملات التوعية بالعديد من اللغات المستخدمة في الدولة. من ناحية أخرى فإن الهدر في المصادر الطبيعية كبير. فاستهلاك الفرد من الطاقة كالكهرباء والبنزين ومشتقاته كبير جدا بالنسبة لحجم الدولة وهو الأمر الذي يساهم بشكل كبير في خلق مشاكل بيئية وعلى رأسها التلوث.

إن سلامة البيئة لا يشمل فقط الحفاظ على الموارد الطبيعية بل واتخاذ مسلك سليم تجاه البيئة وفي التعامل معها حتى يتسنى للجميع الحفاظ على بيئة سليمة وصحية يحيا فيها الجميع. فسلامة الفرد وصحته من سلامة البيئة التي يعيش فيها ويتعامل معها بكل احترام، ولن يتأتى لنا ذلك من دون نشر وعي بيئي سليم بين كافة الطبقات. وذلك يتحقق من خلال تكثيف الجهود الإعلامية خاصة بين الطبقات ذات التعليم البسيط فهي أكثر الفئات عرضة لارتكاب إساءات وانتهاكات للبيئة.

ولا نقول هنا إنها الفئة الوحيدة التي ترتكب مثل هذه الإساءات البيئية، فهناك أناس يتعمدون الإساءة للبيئة عن إهمال متعمد ضاربين عرض الحائط بالنتائج الكارثية التي تنتج عن أفعالهم. فكم من شخص يترك محرك سيارته يعمل وهو ينزل لشراء غرض ما، وكم من شخص يفتح نافدة سيارته ليرمي كيسا من القمامة، وكم من شخص خيم في الصحراء وترك خلفه أكوام من النفايات غير آبه بما يسببه تصرفه هذا من انتهاك خطير للبيئة الفطرية والحيوانية وكم من شخص استخدم المرافق العامة ولم يحافظ عليها.

إن الإمارات بلد جميل ويتميز بالاهتمام بجمال البيئة وبالنظافة العامة، فلنحافظ على البيئة من أجل الأجيال القادمة. فالحفاظ على البيئة ليست فقط مسؤولية الدولة ولكنها مسؤولية مجتمعية في المقام الأول. فالحفاظ على البيئة يبدأ من المنزل في تعويد الأطفال على احترام الموارد الطبيعية كالماء والكهرباء وعدم الإسراف في استخدامها فهي نعمة من الله. ولنعلمهم بأن احترام المرافق العامة هو تصرف حضاري سوف يصب في النهاية لصالحهم، ولنعودهم قيما بيئية فهي من القيم التي تساهم في نهاية الأمر في حماية المصادر البيئية.

إن هناك وعيا عالميا متزايدا بأهمية الحفاظ على البيئة ولكي نكون جزءا من تلك المنظومة العالمية علينا بتكثيف الجهود الإعلامية والتنشئة الأسرية السليمة والتوعية من خلال المساجد ومراكز التجمعات العامة لكي تصل الرسالة للجميع ولكافة الفئات. بذلك نكون قد حققنا هدفنا في الحفاظ على إمارات نظيفة وخضراء وصحية.

 

Email