جدلية مكافحة التدخين ونقص المناعة المكتسب

ت + ت - الحجم الطبيعي

تزامنت احتفالات دول العالم باليوم العالمي لمكافحة التدخين ومرض نقص المناعة المكتسب (الإيدز)، حيث أفردت الصحافة المقروءة والمسموعة والقنوات المرئية، محلياً وإقليمياً ودولياً، مساحات مقدرة للتعريف بمخاطر التدخين كعادة اجتماعية متفشية على نطاق واسع،.

 

وذلك للبحث عن السبل التي يمكن أن تساعد في السيطرة على حالة تفشي أخطر وباء عرفته البشرية بعد الطاعون والكوليرا والملاريا، والذي يعرف الآن بالمتلازمة.

 

لقد أكدت نتائج الأبحاث المختبرية أن التدخين يتسبب في الإصابة بكثير من الأمراض المزمنة، والتي تؤدي إلى وفاة خمسة ملايين شخص سنوياً، وأن هذا العدد سيصل إلى عشرة ملايين في عام 2020. وتفيد إحصاءات هيئة الصحة العالمية WHO، أن عدد النساء المدخنات عالمياً وصل إلى 18%، بينما تبلغ نسبة الرجال 52% من إجمالي عدد المدخنين،.

 

والبقية الباقية تتأرجح بين تجريب التدخين وتركه، ولوحظ أن معدلات التدخين تتزايد سنوياً بنسبة 3.4% بدخول أصناف جديدة، وتدخل الشيشة وغيرها ضمن وسائل التدخين.

 

المؤسف أن معظم ضحايا التدخين هم من الأحداث والمراهقين، الذين يدفعهم الفضول والتقليد ومحاولة التشبه بالكبار، إلى السقوط في وهاد وبراثن التدخين. ونحن في دولة الإمارات العربية المتحدة، إذ نشارك دول العالم الاحتفال باليوم العالمي لمكافحة التدخين، تهمنا في المقام الأول حماية شريحة الأحداث والمراهقين، الذين تصل نسبتهم إلى 29% من مجموع عدد السكان، .

 

ولا بد من تضافر جهود الأسرة والمدرسة، لفرض الرقابة ومتابعة سلوك الأبناء. وتكفي الإشارة إلى أن نحو 100 ألف حدث يشعلون سيجارتهم الأولى، ولا يتوقفون عن التدخين بعد ذلك إلا بصعوبة.

 

ولعله من المسلم به أن الإقلاع عن التدخين يعد من الأمور الشائكة، ذلك أن جريان النيكوتين على نحو متكرر في الدورة الدموية، يحول المدخن إلى مدمن يتعذر عليه الإقلاع حتى بتكرار المحاولة. ويلاحظ أنه لم تجر إلى الآن في الدولة أي مسوح شاملة للتعرف على أبعاد ظاهرة التدخين الإيجابي والسلبي على المجتمع، .

 

وللتحقق من آثاره الاقتصادية والصحية والاجتماعية.

إن تزايد أعداد المراهقين وشرائح الأحداث من الشباب المدخنين، ظاهرة متفشية في المجتمع، ويمكن ملاحظتها بالقرب من المدارس ومراكز التسوق، حيث يميل هؤلاء الصبي للتجمع في أماكن يعرفونها جيداً، لممارسة هواية التدخين السري، أي بعيداً عن الأنظار.

 

. وتفيد تقارير وحدات العلاج من التدخين التابعة لإدارة الطب الوقائي، بأن ما بين 70% و80% من المد خنين عبروا عن رغبة جادة في الإقلاع عن التدخين نهائياً، وأن 3/1 هؤلاء المدخنين قاموا بمحاولات جادة ولأكثر من ثلاث مرات، للتوقف عن التدخين، لأن دخول مادة النيكوتين في جسم المدخن يحول دون قوة الإرادة والتصميم على عدم معاودة التدخين مجدداً، بسبب تأثيرها المباشر على خلايا الدماغ

 

. ولذا بعد الكف عن التدخين يتوقف سريان النيكوتين في الدماغ، وعندها يعاني المدخن حالة توتر وقلق وإحباط مما يضطره للإسراع إلى التدخين مجدداً، ومع ذلك هنالك أعداد مقدرة من المدخنين تمكنوا بعزيمتهم وإصرارهم من الإفلات من عادة التدخين، ويمارسون حياتهم من جديد.

 

لقد مر اليوم العالمي لمناهضة عادة التدخين، ولا علم لنا كم من شبابنا استفاد من تأثير الحملة الإعلامية المكثفة التي صاحبت احتفالات الدولة بهذه المناسبة، وخصوصاً بعد صدور القانون الاتحادي رقم 15 لسنة 2009 بشأن مكافحة التبغ ومشتقاته، والجهود الأخرى مثل تشكيل اللجنة الوطنية لمكافحة التبغ لتتوافق مع جهود البرنامج الوطني لمكافحة التدخين

 

.. ونحن لا يسعنا إلا أن نطالب الجمعيات ذات النفع العام، بأن تتضامن مع المبادرات التي تبذلها وزارة الصحة والهيئات الصحية في الدولة، .

 

وذلك لتجاوز مظهرية الاحتفال باليوم العالمي لمكافحة عادة التدخين، لأن التدخين كما أكدت التقارير المنشورة، يعتبر جسر العبور لتعاطي المواد المخدرة والمسكرات والميل للانحراف وارتكاب الجريمة، وهذا هو مكمن مخاطر التدخين وسط المراهقين والشباب.

 

نأمل أن تحل مناسبة الاحتفال باليوم العالمي لمكافحة التدخين، والعديد من المتورطين في هذه العادة الضارة قد تخلصوا منها وإلى الأبد. وسنتناول جهود المجتمع الدولي لمكافحة مرض نقص المناعة المكتسب تباعاً، حيث انعقد هذا الأسبوع في الأمم المتحدة مؤتمر رفيع المستوى، للتداول حول التقارير الدولية عن مكافحة هذا المرض.

 

Email