احتجاجات اللاجئين السوريين في الخارج

ت + ت - الحجم الطبيعي

 لم تكن أحداث الشغب التي جرت في أحد مخيمات اللاجئين السوريين في تركيا أمس، شيئا جديدا. فقد تكررت مثل هذه الأحداث في جميع مناطق وجود اللاجئين السوريين في دول الجوار، خاصة في الأردن وتركيا، وحدث أكثر من اصطدام بين قوات الأمن في الدولة المضيفة وبين بعض اللاجئين الذين كانوا يحتجون على الظروف المعيشية الصعبة في المخيمات.

لكن الجديد هو العدد الكبير(حوالي 600) من اللاجئين السوريين الذين تناقلت بعض وكالات الأنباء خبر ترحيلهم من تركيا إلى الحدود السورية بعد اشتباكات جرت بينهم وبين قوات الأمن التركية في المخيم احتجاجا على الظروف المعيشية السيئة التي يعاني منها اللاجئون.


ولا بد هنا من النظر إلى القضية من منظارين: منظار الضيف ومنظار المضيف. فمن ناحية، لم يترك هؤلاء اللاجئون السوريون بيوتهم ويرحلوا مع أطفالهم لأنهم اختاروا أن يفعلوا ذلك. هؤلاء خرجوا بعد أن تعرضت قراهم ومدنهم إلى القصف فاضطروا للخروج بحثا عن الأمن والأمان، تاركين وراءهم كل ما يملكون من متاع هذه الحياة. وهم يلجؤون إلى إخوتهم في الدين، ومن حقهم أن يظنوا بهم خيرا. وبالتأكيد فقد استقبلت هذه الدول اللاجئين.

وأمنت لهم بعض ما يحتاجونه من طعام ومسكن، لكن المؤكد أن ذلك لم يكن كافيا، فقد كانت هناك تقارير صحفية ودولية كثيرة عن سوء الأوضاع الإنسانية التي يعيشها هؤلاء اللاجئون من كل النواحي، بما في ذلك سوء خدمات الرعاية الصحية والاجتماعية والتعليمية وغيرها، لذلك ليس من الغريب أن يحتج هؤلاء اللاجئون، مطالبين بتحسين أوضاعهم المعيشية، وعلى الدول المضيفة أن تستوعب غضبهم، وتحسن من أوضاعهم قدر الإمكان بدل أن تعيدهم إلى النار التي هربوا منها أصلا.


ومن ناحية ثانية، على اللاجئين أن يستوعبوا أنهم ضيوف على البلد الذي حلوا فيه، وبالتالي عليهم أن يتحلوا بأخلاق الضيف وأدبه، فهذه الدول تقتطع من لقمة عيش شعوبها لتوفر لهم ما أمكن من طعام وشراب ومسكن، لكن إمكانات هذه الدول قد لا تسمح لها بالإنفاق دون حساب، خاصة أن عدد اللاجئين يزداد كل يوم بالمئات، وقد تجاوز عدد اللاجئين في دول الجوار بحسب آخر التقارير مليون لاجئ.


إن على الطرفين كليهما أن يستوعبا آلام وظروف الطرف الآخر حتى يمكن تأمين الحد الأدنى من الحياة الكريمة للاجئين، إلى أن يتم حل الأزمة في سورية ليعودوا إلى وطنهم شاكرين آمنين.
 

Email