لبنان.. شرارة قد تقود لحريق..!

ت + ت - الحجم الطبيعي

لم تكن الثقافة والتعليم المبكر، والهجرة الطويلة التي أكسبت اللبنانيين التجارة والصناعة، وتوسيع دوائر تجاربهم باللغات الحية، وبناء مواقع مهمة في مهاجرهم، لتمنعَ عنهم صعود الطائفية، ونشوء الحروب الأهلية، حتى أصبحتا لازمتين في تاريخهم، والمشكلة يعرف أسبابها كل لبناني، لكنه لا يستطيع أن تسيطر عليه دوافع الفرقة وضعف المواطنة أمام روح الطائفية المتأصلة والمتجذرة..

لبنان البلد المهيأ لأنْ يكون درة العرب لكنه صار مستوطنة لتفاعلات تتفوق على الخيال، فمن الناحية العملية، هو شعب نشط قادر لأنْ يخلق الفرص داخل بلده، وجلب الاستثمارات والسياح وحركة المال إليه، لكنه مطوق بإرث قديم، حيث الولاء للطائفة أياً كانت مسلمة سنية أو شيعية، مارونية مسيحية، أو درزية، وبدلاً من أن يستلهم هذا التنوع في التعايش والثراء الثقافي مثل البرازيل والهند، وتركيا وماليزيا وغيرها، أصبحت الطائفية في لبنان مجال تجدد الحروب أو بعثها لأتفه الأسباب..

الأيام الماضية كادت أن تتحول إلى مناوشات ثم حرب صغيرة تمتد لكل أنحاء لبنان عندما أقدم الشيخ السني أحمد الأسير على الدعوة إلى الاعتصام أمام شقتين قيل إن قاطنيهما مسلحون من حزب الله، ومع أن قوات الأمن احتوت المشكلة لكن حسن نصر الله، وبلهجة تصعيدية قال «لا أحد يخطئ في حساباته معنا» وهو تهديد مبطن ضد السنة ومن يتعاطفون معهم فكان الرد جاهزاً من السيد أحمد الحريري الأمين العام لتيار المستقبل، أن لا أحد يخيفنا، أو يستطيع اختطاف البلد، ومع أن المعركة لا تزال في حدود الملاسنة لكنها قد تتطور لما هو أسوأ إذا لم يسيطر العقل على انفلات العاطفة..

حزب الله متورط في الصراع السوري، وهو يفعل ويقول ما تمليه عليه إيران، وهناك ملاحقات في عواصم عالمية لأعضاء من الحزب سواء في قبرص أو دول أخرى يقوم بتمويل أشخاص بهدف تهديد أمن تلك الدول أو التجسس عليها، ورغبة من إيران للتخفيف عليها من الضغوط السياسية والاقتصادية، وطالما الانتشار في أوروبا لغايات التورط، فإن لبنان ساحة مفتوحة أمامه، غير أن مجريات الأحداث في سورية، هي قاصمة الظهر لحزب الله وإيران معاً، وبالتأكيد فإن الحالة التي تستدعي خلق فوضى منظمة قد تجعل حزب الله وحده من يدفع الثمن..

عقلاء لبنان يجب أن لايستدرجهم حزب الله إلى تعقيدات سياسية تنشأ عنها حرب أهلية، لأن هذا يأتي في صلب خطته منذ الاعتصام داخل بيروت أو التواجد في الممرات الحساسة الموصلة إليه، حيث لا يخفى أنه يريد تحويل لبنان إلى لعبة في فلك إيران وهذا الأمر يدركه اللبنانيون غير المنضوين لحزب الله، بل هناك من الشيعة من وهو وطني يرفض أن يكون بلده رهينة لأي طرف خارجي، وتتعارض أفكارهم مع حسن نصر الله، أو الولي الفقيه في إيران..

الجيش اللبناني لا يدري كيف تتجه الأمور لكنه الضمانة الوحيدة مع أجهزة الأمن لأنْ لا ينزلق لبنان إلى أزمات تنتهي بحرب، غير أنه لا يملك الخشية من تفتته إذا ما علمنا أن الأفراد والضباط، تشكّلوا من عناصر لا تزال في صلب فكرها الطائفة، ومع ذلك فالمطلوب أن لا تكون القضية شرارة تقود إلى حريق كبير..

 

Email