زمن الوفاء!

ت + ت - الحجم الطبيعي

هناك الكثير من الشخصيات الرياضية النادرة، الذين تعاملت معهم خلال الفترة الماضية، التي قضيتها في المجال الإعلامي، ما يقرب من أربعة عقود، ولله الحمد، شخصيات مؤثرة وجديرة بالاحترام أينما وجدتهم، نسعد ونتفاءل ونثق بهم، أينما رأيناهم في أي موقع، رياضياً كان أم شبابياً، أو حتى اجتماعياً، وذلك لم يأتِ من فراغ، ولكن لأننا كنا واثقين من نجاحهم، وإنجاز ما أوكل إليهم من عمل بنجاح، وأداء رسالتهم تجاه وطنهم على الوجه الأكمل، ومثل هؤلاء، من الصعب تكرارهم، وقلما يجود الزمان بمثلهم، فهم العاشقون للوطن، والمحبون للعطاء، والمؤمنون برسالتهم نحو المجتمع، يضحون بالغالي والنفيس، ويعملون بجد وإخلاص، يكافحون ليل نهار، من أجل النجاح في مهمتهم الوطنية، لأنهم يعتبرون المناصب تكليفاً لا تشريفاً، لا ينتظرون تكريماً أو مجداً شخصياً أو مكسباً مادياً.

وللأسف، أننا نلاحظ في الآونة الأخيرة، أن هذه الشخصيات الوفية تكاد تختفي من الساحة الرياضية، طواعية أو لظروف خارجة عن إرادتهم، أو لأن هناك من أصحاب المصالح من يريد إبعادهم، والحجج كثيرة، واعتبار أن هذه المرحلة لم تعد مرحلتهم، حسب رأي خبراء اليوم (انتهت صلاحيتهم)، أو بحجة أنهم أدوا دورهم، وحان الوقت لإعطاء الفرصة للشباب، وغيرها من الحجج الواهية! وأسباب لا تسمن ولا تغني من جوع! وللأسف أن البعض من (جيل اليوم)، يكيدون كيداً لأساتذتهم ومعلميهم، (يتنططون عليهم) ويقفزون مثل «البهلاونات»، ويطيرون مثل «السوبرمانات»! ولا يكتفون بما نالوا وينتظرون ما هو آتٍ! فنراهم يتقدمون الصفوف في كل المناسبات! يلهثون من أجل الوقوف أمام العدسات! وتملأ صورهم الصفحات! ويجلسون على المنصات! ويقتحمون بيوتنا عبر الشاشات! ويوجدون في كل الساحات! ولا يقنعون أو يكتفون بمنصب أو أكثر، ولكن شعارهم الدائم (هل من مزيد)! فتجدهم يشغلون الكثير من الوظائف، التي هم ليسوا أهلاً لها أصلاً!

والفارق كبير بين من يعمل بدون مقابل، ويضحي بوقته وماله، ويترك مصالحه الخاصة، ولا يهمه سوى المصلحة العامة، وكل ما من شأنه رفعة الوطن، وبين من يعملون بمقابل لا يستحقونه، يحددونه بأنفسهم، ويفضلون مصالحهم الشخصية على المصلحة العامة! ولا أخفيكم سراً، عندما أقول إنني وغيري كثيرون، نحب ونقدر ونحترم المخضرمين، من قدامى الرياضيين، فقد كانوا سنداً لنا ومصدراً موثوقاً للمعلومة الصادقة التي ننقلها بكل أمانة، فتجعل القارئ يعرف الحقيقة بلا رتوش! فلهم منا كل تحية وإجلال وتقدير! ومن هؤلاء الرجال الذين نعتز بهم، ويعجز القلم عن وصفهم، على سبيل المثال لا الحصر، الأخ الفاضل أحمد ناصر الفردان، تلك الشخصية الرياضية الفذة، التي قدمت الكثير لمسيرة شباب الوطن، من خلال توليه عدداً من المناصب الإدارية، وقبل الجلسة الأخيرة للهيئة، كان مرتبطاً بالسفر لخارج البلاد، لكنه أجّل سفره، من أجل حضور تلك الجلسة، وقدم اعتذاراً من الاستمرار، ورغبته بترك الساحة لمن يرى نفسه قادراً، هذه هي الشجاعة، وهذا الأسلوب الراقي، لا نجده إلا في رجال من ذهب.. والله من وراء القصد.

Email