لماذا لا نستثمرهم؟!!

ت + ت - الحجم الطبيعي

تلقيت قبل أيام، مكالمتين هامتين، من اثنين من الأصدقاء، وهما من القيادات الرياضية، ينتميان لناديين كبيرين، وتوليا منصب نائب الرئيس في اتحادين فردي وآخر جماعي، ولهما مكانة كبيرة في وظيفتهما السابقة قبل التقاعد، وأستغرب بكل صراحة، لماذا لا نستفيد من خبرات وطاقات هؤلاء في الرياضة؟، ونستثمرهم في مصلحة الهيئات الشبابية والرياضية كمستشارين، كما يحدث في اليابان مثلاً، فالمتقاعد لدينا في المنطقة، غالبيتهم يجلسون في البيوت، وبعضهم ربما لظروف معيشية يبحثون عن وظائف أخرى من أجل تغطية حاجاتهم اليومية، نظراً للغلاء الفاحش في الأمور الحياتية، وحتى لا أدخل في متاهات وتفاصيل ليس مجالها هنا في المساحة الرياضية المخصصة، فإنني أدعو إلى الاستفادة من مثل هذه الطاقات الكبيرة، التي تستطيع أن تعطي وتبذل وتقدم عصارة خبراتها من أجل الوطن، كل في مجاله، فالنوم والأكل والجلوس في البيت، أصبح روتيناً يومياً مملاً وقاتلاً، فالمتقاعد الياباني، كما قرأت في صحيفة القبس الكويتية، يعُيّن مستشاراً في إحدى المؤسسات الحكومية، وبراتب جيد ودوام يناسب وضعه الصحي والعمري، ويمكن للمؤسسات الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني والجمعيات الأهلية، الاستفادة من خبرات المتقاعدين، عبر إعادة تعيينهم مستشارين، مع تغيير طفيف في مواعيد دوامهم، بما يتماشى مع أعمارهم.

في الساحة الرياضية مثلاً، لدينا عشرات المتقاعدون يعانون التهميش والإقصاء والإبعاد، بحجة أن الزمن ليس زمنهم، والوقت وقت الشباب، وللأسف، ما نراه في الرياضة من قلة الخبرة والحماس الزائد والعاطفة والانفعال، وراء هروب الكثيرين عند الضرورات، أقول ليس الكل، وإنما البعض والغالبية، دورهم محدود، لأنهم استعجلوا ووصلوا إلى أعلى السلم، في يوم وليلة، وفي النهاية خراب بيوت!

لو فكرنا في تأسيس بيت للرياضيين المتقاعدين، أو جمعية أو نقابة، تهتم بالمتقاعدين الذين لديهم إلمام واهتمام بقطاعنا الشبابي والرياضي، تتبناها الهيئة العامة لرعاية الشباب والرياضة، فما قرأته وشاهدته بنفسي، عند زيارتي إلى طوكيو مع وفد شباب سفينة العالم، في أواخر الثمانينيات، لديهم كثير من الجمعيات والمؤسسات، التي تهتم بشؤون المتقاعدين، حتى أن هناك شارعاً خاصاً بالمتقاعدين، لا تدخله السيارات ولا الحافلات، ويحتوي هذا الشارع على محال لبيع الملابس الخاصة بالمتقاعدين، كما توجد لديهم جامعة خاصة للمتقاعدين، أنُشئت عام 1969، ومدة الدراسة فيها أربع سنوات، ونظام الدراسة ينقسم إلى قسمين، نظري وعملي، الأول يشمل دراسة مناهج، مثل الثقافة العامة وعلم النفس والاقتصاد الياباني، والثاني يشمل تعليم المتقاعدين كيفية فلاحة البساتين وطرق تربية الأسماك والطيور وصناعة الأواني الفخارية والحرف اليدوية، وزيارة المعالم والمواقع الحضارية في اليابان، ولا توجد رسوم للدراسة، لأن الدراسة مجاناً!

أشكر الصديقين العزيزين، وكلاهما «بو أحمد»، على اتصالهما، فهما وراء فكرة مقال اليوم، ولمن يهمه الأمر، من مشرعينا، خصوصاً في قطاع الرياضة، فلم يعد لدينا الرغبة في هذا المجال، ونحن في عصر الاحتراف، الذي تحول إلى انحراف.. والله من وراء القصد.

Email