القضية المهملة!

ت + ت - الحجم الطبيعي

يواجه تاريخنا الرياضي، معضلة كبرى، تتمثل في عدم وجود الغطاء الرسمي المتكفل بتدوينه، فكتابة التاريخ أمانة لا يدرك أهميتها إلا المؤمنون به، فينبغي أن تتوافر في الباحث أو المؤرخ، أن يكون من أصحاب الخبرة والدراية، وممن عايشوا الأحداث وشهدوها عبر الوقائع في الزمان والمكان.

وعدم الاهتمام بهذا الجانب، ليس فقط على مستوانا المحلي، بل ربما على مستوى المنطقة، فهناك تجارب ناجحة في هذا الشأن من بعض الأفراد في بعض الدول العربية، من منطلق حبهم وعشقهم لهذه الهواية، وإنما كعمل مؤسس ومقنن، لم نره إلا في السعودية الشقيقة.

ومع ذلك، حدث جدل عنيف، أول من أمس، عندما أعلنت الهيئة العامة للرياضة في المملكة، أن رئيس مجلس إدارة الهيئة الجديد، تركي آل الشيخ، والمنتمي والعاشق لنادي النصر، قرر إلغاء لجنة التوثيق، التي شكلت في فترة سابقة، وما توصلت له من نتائج، أنه ترك هذا الأمر للأندية الرياضية، وفقاً لما لديها من سجلات، وما ستعتمد عليه من توثيق تاريخي لبطولاتها ومشاركاتها في كافة الألعاب، كما أنه يمكن للاتحادات الرياضية، أن توثق ما تراه مناسباً لأي بطولات أو مشاركات خاصة بها.

إذاً، لا نستطيع تحديد المخول لكتابة التاريخ الرياضي، وهناك أفراد في المجتمع، تطوعوا للعمل في هذا المجال، وسط غياب دور المؤسسات الوطنية، فأسلوبنا في التوثيق يختلف عن بعض الدول المتقدمة رياضياً على الصعيد العالمي والقاري، وهناك بدأت فكرة عملية التأريخ والتوثيق، من خلال أفراد.

ثم تحولت سريعاً إلى عمل تابع لمؤسسات كبرى تُعنى بهذا الأمر، تشجعهم وتدعمهم، وأما نحن، وعلى الرغم من قصر عمر الرياضة في وطننا العربي، لا يوجد اهتمام مؤسسي في هذا الجانب، بالتالي، لا تزال المحاولات الفردية مستمرة، باجتهادات يشكر عليها أصحابها، بالإضافة إلى أن هناك أيضاً أفراداً يشجعون ويقدمون مبادرات طيبة في دعم مثل هذه الأعمال الوطنية!

كتابة تاريخنا الرياضي بكامل أحداثه وجزئياته ووقائعه وتحولاته، يتطلب وجود المتخصصين الأمناء، الذين يملكون أدوات فن الكتابة، ليسلطوا الأضواء على الأحداث والمواقف والمعلومات، برؤية الإبعاد الزمنية، تحت شعار «من لا ماضي له، لا حاضر له»، والمستقبل سيسألنا ماذا قدمنا للأجيال المقبلة؟!.

وهناك نقطة هامة، هي الصدق مع النفس، قبل الصدق مع الآخرين، وطرح المعلومات الثابتة، في ظل عدم الاهتمام بتأريخ وتوثيق المجال الرياضي، وهو ما وجدته من صعوبة بالغة على مستوى النادي الواحد، فما بالكم بعشرات الأندية.

وهذا يتطلب هيئة كبرى تُعنى بذلك، وهو أمر لم أشعر به شخصياً، من خلال تجربتي المتواضعة، بعد أن تشرفت بتقديم أكثر من 12 إصداراً، ومئات الصفحات، وأكثر من 92 حلقة تليفزيونية عبر قناتي دبي «أيام زمان»، من خلال 61 حلقة، وقناة الشارقة في برنامج «كانت أيام» عبر 30 حلقة.

أعترف أن هناك حجر عثرة في طريق كتابة التاريخ، فليس لدينا مستندات أو وثائق مكتوبة، بسبب عدم توافر المصادر الموثوقة رسمياً، فما تناولناه عبر «البيان الرياضي» خلال التسع السنوات الماضية، كانت تحولاً كبيراً في نهج الجريدة، بأهمية دور التوثيق الوطني.. والله من وراء القصد.

Email