أول مدرب متفرغ بأنديتنا راتبه 1500 درهم

شحته ودوره في تأسيس الكرة الإماراتية

ت + ت - الحجم الطبيعي

«كانت أيام» جزء مهم في مسيرة الرياضة الإماراتية، يستعيد بعض التفاصيل الثرية التي حدثت خلال الحقبة الماضية التي نحكي فيها عن الأحداث والمناسبات التاريخية، ونلقي الضوء على الأشخاص الذين كانوا فاعلين في بؤرة الأحداث بصور مختلفة ومتنوعة، تنشر غالبيتها للمرة الأولى.

وترصد تاريخ رياضتنا طوال الخمسين سنة الماضية، فكثير من هؤلاء، الذين مروا علينا، كانت بصماتهم واضحة على رياضتنا، ولم يعد يتذكرهم الجيل الحالي.

فمنهم من غيبه الموت، ومنهم من تقدم به العمر، لكنهم أسهموا إسهاماً فاعلاً في تقدم الرياضة الإماراتية ورفعة شأنها، وعملوا بإخلاص وتفانٍ، ولم يستغلوا مناصبهم في تحقيق مكاسب شخصية، «كانت أيام»، هي فرصة لرد الجميل لكل هؤلاء، واحتفاء بالرموز لكي تكون قدوة ونبراساً في العطاء للجيل الحالي.

نختتم في هذا العرض الخاص مسيرة هامة من مسيرة الوطن رياضياً وشبابياً، حيث يقف المستشار إبراهيم بوملحه في خانة الذكريات من خلال كتابه الرائع «الفريج ذكريات في الزمن الجميل». يقول إبراهيم بوملحه:

الشخص الآخر الذي له تأثير في نفسي كان الكابتن محمد صديق شحته الإنسان الخلوق قبل أن يكون مدربا في كرة قدم حيث تعاقد معه نادي الوحدة بترتيب من ناصر عبدالله بن حسين عام 1968م لتدريب الفريق فكان أول مدرب تشهده الإمارات، إذ لم يكن نظام التدريب معروفاً ومعمولاً به في الإمارات وقتها فالكابتن شحته يؤرخ لقيام نظام التدريب في الإمارات.

وقد بذل هذا المدرب جهداً كبيراً في تدريب الفريق واكتشاف المواهب الشابة فيه وإعطائهم الفرصة المناسبة لإثبات قدراتهم، وكان أخاً لجميع اللاعبين تربطه بهم رابطة الود والأخوة، وكان مثالياً في تعامله معهم وكان اللاعبون يحترمونه ويقدرونه ويتفاعلون معه..

ويتبع الكابتن شحته في تدريبه اسلوباً علمياً حديثاً وركز كثيراً على إكساب لاعبيه اللياقة البدنية اللازمة ورفع من قدراتهم ومواهبهم الفنية.

نظام تغذية

وأذكر أنه في بداية استلام الكابتن شحته مهام تدريب لاعبي فريق الوحدة وأثناء التمارين الكثيرة لاحظ أن أكثر اللاعبين يصابون بتمزقات في العضلات بسبب هذه التمارين، حيث عرف أن ذلك راجع لقلة تغذية اللاعبين بالشكل الصحيح وأنهم يحتاجون إلى تغذية سليمة ومنتظمة لتقوية عضلاتهم فتم الاتفاق مع مطعم «على كيفك» في شارع سكة الخيل بأن يقدم وجبات عشاء لكل اللاعبين يومياً.

فكنا عقب أن ننهي التمارين بعد المغرب ونستحم نتجمع في المطعم المذكور لتناول العشاء الذي كان في وقتنا شيئاً مميزاً ورفاهية كبيرة حققها النادي للاعبيه وكنا نتلذذ بأصناف اللحوم المشوية والسلطات المقدمة ونحسد عليها من قبل زملائنا في الأندية الأخرى لأنها ميزة حققها النادي لنا لأنه ليس بوسعنا القيام وحدنا بها بانتظام.

وكان الكابتن شحته خلوقاً بمعنى الكلمة يحترم نفسه كمدرب يجلس في ملعب المباريات مع الإحتياط من اللاعبين بمنتهى الهدوء والسكينة مهما بلغت حساسية المباراة ولا يغادر منصة الاحتياط إلا لظروف تستدعيه .

لذلك ولا يمكن أن يقف على خط الملعب ليوجه اللاعبين أو يصرخ في الملعب وإنما يبقى جالساً صامتاً يسجل ملاحظاته في ذهنه وعندما يدخل إلى غرفة الاستراحة يخرج ما في جعبته من ملاحظات وتوجيهات بمنتهى الدقة والحرص على تنفيذها، وكان يحرص على تزويد اللاعبين دائماً بنصائحه المتمثلة في التزام الهدوء .

وعدم إثارة الشغب في الملعب وكان يؤدي عمله بإخلاص وأمانة مهنية بعكس ما نراه اليوم من سلوك مدربين عالميين، من الصراخ على اللاعبين.

والتدخل في قرارات الحكام، ولا يكادون يجلسون على الكراسي المعدّة لهم وإنما هم واقفون على الخط يوجهون ويؤشرون ويصرخون في سلوك غير حضاري البتة حتى يضطر الحكم أحياناً إلى إخراجهم من أرض الملعب وكلما رأيت شيئاً من هذا تذكرت مدربنا الكابتن شحته وترحمت عليه لأنه كان متميزاً في هذا السلوك في الملعب وبجانب عمله كمدرب يقوم بمهمة تدليك إصابات اللاعبين ويعتبر بمثابة الأب والأخ الكبير لجميع اللاعبين حيث يجدون فيه صفات الود والأخوة..

وقد ترك هذا المدرب في نفسي أثراً كبيراً وقد حزنت لوفاته كثيراً وذلك لمدى ارتباطنا به كلاعبين وعلاقة الأخوة التي سادت بيننا في تلك الفترة من الزمن الجميل والتي دامت حتى بعد أن غادر إلى مصر الشقيقة ولكن ظلت ذكراه حية في نفوسنا، وقد عاد مرة أخرى لتدريب النادي الأهلي، ثم المنتخب القومي رحمه الله.

أول مدرب

المرحوم شحته أول مدرب محترف يدرب في أندية الإمارات درب الأهلي عام 69 ثم تولى مهمة الإشراف على المنتخب الوطني في دورتين خليجيتين متتاليتين هي الدورة الثانية في الرياض عام 72 والثالثة بالكويت عام 74 بتوجيه من المغفور له بإذن الله الشيخ مكتوم بن راشد آل مكتوم طيب الله ثراه.

سيرة البوادي

والشخص الذي لا يغيب عن ذهني في هذا المجال الرياضي هو السيد علي البوادي وما قدمه للرياضة من عمل واهتمام وتفاعل، فقد كان يتابع التمارين الرياضية لنادي الوحدة ثم النادي الأهلي ولم يكن يدخر جهداً في سبيل تمكين الشباب من ممارسة الرياضة وأداء دورهم فيها وكان يهتم بشكل خاص بالصغار .

ويتابعهم متابعة دقيقة بكل حرص وتفاعل أبوي ويسأل عنا ويحاسبنا إذا تأخرنا عن حضور التمارين ويبحث عنا في أمكنتنا إن تركنا أي تمرين، وكان يسهل لنا توفير أدوات الرياضة من أحذية وملابس.

ويعد علي البوادي من أسباب دعم الرياضيين وتشجيع النشء على ممارسة الرياضة، وكان يؤدي دوره بحب وتفان وإخلاص، إذ كان متواجداً في الملعب بصورة دائمة وكأنه جزء من الفريق، ولا يزال علي البوادي حفظه الله جزءاً من ذكرياتنا الماضية والحية في أذهاننا، نحفظ له دوره معنا واهتمامه بنا في ذلك الوقت الصعب من أوقات الرياضة.

2.000

شحته أول مدرب متفرغ بأندية الإمارات وكان أول راتب تقاضاه هو 1500 درهم لتدريبه فريق الوحدة وفي نهاية الموسم رفع راتبه إلى 2000 درهم وقال المرحوم شحته لناصر عبد الله رئيس مجلس إدارة الوحدة متضايقاً (كده ازعل منك) عندما زاد راتبه فهو لم يكن مدرباً فقط وانما رجل تربوي استطاع أن يدخل قلوب الناس.

■ فريق الأهلي عام 1973 ويظهر من اليمين وقوفا الثاني مطر بلال، محمد ريحان، ناصر حمد،، علي خليفة، سهيل سالم، زيد ربيع، أحمد عيسى، شحته، خليفة بن دسمال، محمد المنزلاوي، جاسم الفار، عبدالقادر كوارتي، وجلوسا، من اليمين جمعة غريب، محمد حسين، سعد مبارك، سلطان الجوكر، ابراهيم رضا، عباس ركس، حمدون، حسن الأمير، عبدالله خليل

مؤهلات

محمد صديق محمد الشهير بشحته بدأ اللعب بأشبال الإسماعيلي سنة 1956، لعب للإسماعيلي طول عمره ولم يفكر في الانتقال إلى ناد آخر وحصل على بكالوريوس تربية رياضية ودبلوم التدريب في كرة القدم بدرجة امتياز من ألمانيا، ودورة تدريبية في كرة القدم نظمها اتحاد الكرة الانجليزي في لندن.

نتواصل للعام السابع على التوالي، ونتناول هذه المرة عملاً توثيقياً آخر بالكلمة والصورة، فالذكريات تعني الكثير لكل إنسان، وتبقى عالقة بالأذهان على مر السنين، وصور الذكريات هي التي تجسد أصل وأساس الحكاية، لأنها تذكرنا بالأيام الجميلة التي نتمنى أن تعود إلينا من جديد.

 

 

 

 

Email