الحلم البرازيلي

ت + ت - الحجم الطبيعي

■ حققت البرازيل أخيراً حلمها الأولمبي، وتوجت بالميدالية الذهبية لمسابقة كرة القدم رجال، للمرة الأولى في تاريخ بلاد السامبا، بالفوز 5 / 4 بركلات الترجيح، على المنتخب الألماني في المباراة النهائية، وقاد النجم الكبير نيمار، فريقه للفوز على الماكينات الألمانية بشق الأنفس، بعدما حبس الألمان أنفاس الجماهير البرازيلية الغفيرة، التي حضرت المباراة في استاد «ماراكانا» وأمام شاشات التلفزيون، وثأر المنتخب البرازيلي لهزيمته أمام الماكينات الألمانية 1 / 7 في الدور قبل النهائي لكأس العالم 2014، وهي الهزيمة التي حرمت السامبا من خوض النهائي على هذا الاستاد الأسطوري، ولم يلعب نيمار مع فريقه الإسباني برشلونة، والذي هو الآخر - أي النادي الكتالوني - تألق في يوم ولا أورع مع انطلاقة الدوري الإسباني، ضارباً بقوة من يفكر في إبعاده عن منصات التتويج، حيث اكتسح فريق ريال بيتيس بسداسية مقابل هدفين، كما غاب عن الليلة البرازيلية السعيدة، الجوهرة السمراء بيليه، والذي تابع المباراة النهائية من بيته لظروفه الصحية الحرجة، وليقدم أبناء السامبا أجمل هدية ذهبية لجماهيرهم وعشاقهم بمختلف أنحاء العالم، في ختام عرس الأولمبياد الكبير.

■ وبالتالي تكون البرازيل قد أحرزت في هذه المسابقة التي تحظى بأكبر متابعة في تلك الدورة الكبرى، واحدة من أغلى ميدالياتها الأولمبية، إن لم تكن الميدالية الأهم على الإطلاق في تاريخ البرازيل حتى الآن، حيث فشلت البرازيل الفائزة بلقب كأس العالم خمس مرات سابقة، في إحراز ذهبية كرة القدم في 12 محاولة سابقة بدورات الألعاب الأولمبية، وكان آخرها في أولمبياد لندن 2012، وبالنسبة لي، سعادتي لا توصف بفوز البرازيل، لأنها كانت محتاجة لهذا الإنجاز التاريخي، بعد الضغوط التي واجهتها في تنظيم أولمبياد ريو دي جانيرو 2016، وتحدت الفقر والظروف الاقتصادية الصعبة، وأكدت أنها تستطيع أن تقاوم وتعيش مع الحياة بواسطة الرياضة، وهو ما لمسناه من خلال الحفل الختامي لدورة الألعاب الأولمبية أمس في الاستاد الشهير «ماراكانا» الأسطوري.

■ ودعنا الأولمبياد، بخيره وشره وبفرحة وحزنه، وبسعادته وتعاسته، بعد ثلاثة أسابيع مليئة بالإثارة والمتعة، في وقت كانت المخاوف تنتاب المنظمين نتيجة الأجواء الغاضبة التي سبقت فعاليات الدورة، حيث كانت هناك تظاهرات واحتجاجات جماهيرية ضد استضافة دورة الألعاب الأولمبية، وكانت الجماهير البرازيلية، كشفت أيضاً عن غضبها قبل استضافة بطولة كأس العالم 2014، ثم جددت احتجاجاتها قبل أولمبياد 2016، حيث رأت الجماهير أن الحكومة البرازيلية، أنفقت مليارات الدولارات، على استضافة الحدثين، وكان الأحرى بها توجيه هذه المليارات لتطوير قطاعات أخرى مثل الصحة والتعليم والمواصلات، وأثارت هذه الظروف، مخاوف لدى مسؤولي اللجنة الأولمبية الدولية، والوفود المشاركة، ولكن عشق البرازيليين للرياضة، طغى على صوت هذه الاحتجاجات، حيث مرت عجلة الأولمبياد بسلام، وتظل الجماهير البرازيلية هي البطل الأول للدورة، وهم يستحقون ميدالية التميز، فقد أعطوا لنا درساً في كيفية التعامل مع الأحداث الرياضية الكبرى.

■ وداعاً ريو دي جانيرو، ونترقب دورة طوكيو 2020، إذا كان لنا من العمر بقية، وأؤكد أننا سنشاهد قمة الدورات، حيث بدأت من الآن تتجه الأنظار إلى اليابان، التي ستستضيف النسخة المقبلة، والتي أعلنت مبكراً عن تحضيراتها قبل 4 سنوات، من خلال الترويج للمدينة المستضيفة للحدث، وكتبت اللجنة المنظمة للدورة على الموقع الرسمي في الصفحة الرئيسية «من ريو إلى طوكيو»، وهي رسالة تبين مدى التخطيط الصحيح، وليس العشوائي!!.. والله من وراء القصد.

Email