زايد الملهم

ت + ت - الحجم الطبيعي

نحن مجتمع تكون من امتزاج البحر والصحراء، ففي البحر تمتد جذورنا وفي الصحراء لنا ظلال وآثار خطو لا خطى ومسير لا يمحوه الزمن، في الماضي كان كل شيء قليلاً وصعباً وكنا نعيش كفاف يومنا لكننا كنا نكافح العراقيل لنبقى ولتستمر المسيرة، لكل أمة تاريخ، هذا تاريخنا القريب أما على البعيد فنحن نتمدد في تاريخ الجزيرة والشرق كله وفي تاريخ العرب ودولة الحضارة الإسلامية العظيمة، نحن جزء من هذا التاريخ، نعتز به ونعرف على وجه الدقة مقدار وحجم صلتنا به، فلكل أمة تاريخ، نعود للتاريخ لنتعلّم، والأهم لنبتكر المستقبل كما قال الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان في كلمته الملهمة أمام القمة العالمية للحكومات.

مع ذلك فالعودة للجذور، والافتخار بها ليست نكوصاً ولا تراجعاً ولا قلة حيلة، ولكن لأن من لا ماضي له لا مستقبل له، المستقبل يجد أساساته القوية في وعي الإنسان بماضيه وانتمائه الإنساني العميق، نحن جزء من تاريخ عريق وهذا التاريخ جزء من عمر الحضارة الإنسانية وإرثها الضخم.

يقول التاريخ كما رواه الشيخ سيف إنه في عام 1974 استقبل المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان عدداً من رواد الفضاء قبل مهمة فضائية لهم، ثم عاد واستقبلهم بعد عامين بعد نجاح مهمتهم، وبعد أكثر من 40 عاماً، ها هي الإمارات تمتلك مشروعها للوصول إلى المريخ، كما تطلق أقماراً صناعية للفضاء! هل أحد ممن كان يغذ الخطى متنقلاً بين كثبان الرمال الحارقة في تلك السنوات البعيدة يمكنه أن يصدق ذلك؟ إنه الإنسان صاحب الإرادة الذي يحول العراقيل إلى فرص، والتحديات إلى مفاتيح لولوج عوالم لم تكن في البال، لذلك كان زايد رجلاً صاحب رؤية ومؤسساً بنى ركائز أمة.

لم يأت ذلك من باب تضخيم المنجزات ولا من الفراغ، لكن العودة لتاريخ زايد: كلماته، أفعاله، مسيرته اليومية والحياتية، مواقفه، نظرته، نصائحه وتوجيهاته، كلها تقول إن الرجل كان ينهل من حكمة السنين والخبرة ونقاء الصحراء وجذوره العربية القوية وانتمائه الإنساني العميق، لذلك وجه حبه لكل الناس وحرصه لكل الأرض، فالثروة لا خير فيها إن لم نتقاسمها مع إخوتنا، والبيئة لن تصلح ما لم نحرص عليها ونحمِها من الهدر والتلوث والاستنزاف، والإنسان لن ينفع نفسه وأهله إلا بالعلم، شرط أن يكون سعيداً كريماً وآمناً في وطنه، بلا حواجز وبلا حرمان، لذلك فكل مشاريع زايد كانت إلهاماً نبع من قلب أحب الإنسانية فأحبه العالم أجمع.

Email