في معرض أبوظبي للكتاب

ت + ت - الحجم الطبيعي

ليس مفاجئاً هذا الاعتناء النسوي بشؤون الأدب والثقافة في الإمارات، لأنه يكاد يكون امتداداً طبيعياً لاهتمام نسوي إنساني بالأدب والثقافة على امتداد العالم.

فالنساء هن الأكثر اهتماماً بالثقافة، بنوادي الكتب، بالصالونات الثقافية، بمجموعات القراءة وبغيرها من التجمعات أو المجموعات التي يكون الأدب والقراءة محور وجودها ونشاطها.

وشخصياً أعرف العديد من صالونات القراءة في دول عربية مختلفة تعتبر المرأة إما رئيستها أو مؤسستها أو العنصر الأبرز في عضويتها، والأمر لا يعيب المرأة بل يضاعف أدوارها وتأثيراتها المجتمعية كما إنه لا يخص المرأة العربية فقط، بل يكاد يكون ظاهرة ثقافية منتشرة!!

في مقالته لماذا نقرأ الأدب؟ يقول الروائي البيروڤي ماريو فاراغاس يوسا: (مما لا شك فيه أن قراء الأدب في تناقص، وأن غالبية الباقين من القراء هن نساء، هذا الأمر يحدث في كل مكان تقريباً، في إسبانيا - على سبيل المثال - كشفت إحصائية حديثة أقامها اتحاد الكتاب الإسبان أن نصف السكان لم يقرأوا كتابًا من قبل.

وكشفت أيضًا أن ضمن الأقلية التي تقرأ، النساء اللاتي يقرأن يتعدين الرجال بنحو 6.2%، وهذا الفارق يزداد مع الوقت. أنا سعيد من أجل أولئك النسوة، لكني أشعر بالأسف للرجال، وللملايين ممن يستطيعون القراءة لكنهم اختاروا أن لايقرأوا)!

في معرض أبوظبي للكتاب اختارت كثير من النساء المؤثرات الثقافية والقراءة كخيار وكمشاريع مجتمعية ينفقن عليها ببذخ وإصرار. يعتبر صالون بحر الثقافة، وصالون الملتقى في أبوظبي، من أبرز الأدلة على هذا الاهتمام النسوي بالشأن الثقافي، والمسألة تتعدى الاهتمام إلى الاشتغال الحقيقي الذي يعبر عنه مجموعة البرامج الساطعة التي تطرحها منصات هذه الصالونات، برامج وضعت باهتمام مدروس وعمق فكري حقيقي، برامج تتجاوز الندوة والمحاضرة وإصدار الكتاب والكتيب.

فهناك جلسات ومناظرات واستضافات في منتهى الأهمية، واختيارات لمواقف تستحق التوقف، كالاحتفاء بنتاج جبران خليل جبران، ومناقشة فن وغناء فيروز كظاهرة فنية لا تتكرر، واستضافة روائيي اللائحة القصيرة للبوكر وفتح حوار مباشر بينهم وبين الجمهور.. وغير ذلك!

عندما تهتم المرأة بأي شيء فإنها عادة ما تمنحه كل الاهتمام والمتابعة، وعادة ما تبذل الكثير للارتقاء به، ودائماً ما تنجح في إتقانه وتطويره، لأنها تمارس العمل بانتماء ومحبة وبذهنية البناء والتراكم بصبر وأناة!

أظن أن الشأن الثقافي يجب أن يعطى للمرأة لتديره وتشرف عليه وتطوره في كل مكان!!

Email