العابرون بالصدفة!!

ت + ت - الحجم الطبيعي

هل فكرت يوماً أن تصبح حديث السوشيال ميديا أو مواقع التواصل دون أن تخطط لهذا الأمر أو حتى أن تتوقعه؟ هل فكرت أنك بمجرد مرورك العشوائي غير المخطط له بذاك المكان الذي حدثت فيه جريمة قتل أو انفجار أو حادث إرهابي هز العالم وتم تناقله عبر كل وسائل الإعلام يمكن أن ينقلك من مجرد عابر طريق مجهول مغفل الاسم ما كان يمكن أن يثير انتباه أو اهتمام أحد، إلى شخص يتم الإشارة إليه كل لحظة، بل وإقحامه في الحدث أيضاً، وبالتالي تحويل حياته إلى جحيم ربما؟ هل تتخيل نفسك متهماً بالصدفة أو مشتبهاً به بدون تخطيط، أو متورطاً في حدث عالمي بينما أنت أكثر الناس خوفاً من هكذا توريطات أو هكذا أفكار؟

أفكر في تلك الفتاة السمراء المحجبة ذات الرداء الرمادي الفضفاض وعلامات الرعب المرتسمة على وجهها، وهي تتحدث بالهاتف النقال عن طريق سماعات الأذن، بينما جثة أحدهم ملقاة بالقرب منها، ومسعفون يتحلقون حوله؟ لم تبدُ عليها أمارات اللامبالاة أو أنها عديمة الإحساس أو غائبة عما يحدث حولها، كانت تمر عبر حدث مرعب لحظتها، فالبريطاني المدعو خالد مسعود مهاجم ويستمنستر، كان قد قاد سيارته على الجسر الشهير يومها ودهس مجموعة من السياح، ثم ترجل متوجهاً صوب البرلمان، وطعن أحد الحراس فأرداه قتيلاً، ولولا أن تمت تصفيته لفعل أكثر من ذلك !!

في تلك المعمعة عبر أناس كثيرون فضاء المكان، الكاميرات جمدت صورهم وخطوات أقدامهم كما جمدت حركات الأيدي والملامح التي طبعت الوجوه، لكنها حتماً لم تكن لترسم أو تصور ما كان يجول في قلوب وعقول هؤلاء العابرين بالصدفة!

العابرون بالصدفة بشر عاديون، قد يكونون مصابين بمضاعفات الخوف ربما، كانوا في فضاء الشارع لأسباب مختلفة، لكنهم حتماً ليسوا كما تم تناقل صورهم، بمعنى أنهم ليسوا متهمين ولا متورطين ولا عديمي الإحساس كما وُصفت تلك الفتاة التي عبرت جسر ويستمنستر، هي تبرعت بالمساعدة وقدمت خدمات لسيدة في الحادث كما قالت ثم ذهبت تتصل لتطمئن عائلتها، إن الكاميرا لا تقرأ الملامح جيداً ولا تفسر النوايا ، ولكثرة ما تم تناقل صورة الفتاة في مواقع التواصل فقد أصيبت بالخوف واضطرت للظهور وتبرير انشغالها بالحديث الهاتفي!

نحن جميعاً نقع ضحايا سوء النوايا والتباس التفسيرات، لكن حين يتم الأمر عبر الإعلام، فالأمر يتحول إلى تشهير وتدمير حقيقي للشخص، وهذا هو الجانب المتوحش من التوظيف اللاأخلاقي أو اللامهني للإعلام!

 

Email