حديث مع سائق تاكسي إنجليزي

ت + ت - الحجم الطبيعي

في لندن، وأثناء جلوسي صامتة في سيارة الأجرة، عائدة إلى الفندق منذ عدة أيام سألني السائق ذلك السؤال المتوقع: من أي البلاد أنت؟ قلت له من الإمارات ثم أردفت للتوضيح لا أكثر من دبي تحديداً، علا صوته مكرراً اسم دبي بطريقة انفعالية.

وطارحاً سؤالاً جعلني أفكر بشكل طبيعي: أبعد كل هذه السنوات وكل هذا العدد المهول من زوار الإمارات للندن والعدد الأكثر من الأوروبيين والإنجليز تحديداً الذين يعيشون أو يأتون لزيارة دبي، لا يزال هناك من يسأل هذا السؤال: أيهما أغلى دبي أم لندن؟

ولماذا يأتي أهل الإمارات إلى لندن دائماً؟ قلت له كل مدن العالم فيها الغالي والرخيص والأمر يعتمد على أسلوب الحياة الذي تعيشه أو تخطه لنفسك، أما لماذا نأتي إلى لندن فلأننا شعب منفتح يحب السفر والحياة والتعلم والاطلاع والتمتع بالجمال، حيث كان، ولأن السفر حرية ونحن أحرار نسافر حيث نشاء!

قال لي لم أقصد أي إساءة، أكدت له أنني لم أشعر بأي إساءة، ثم أردف: بعض العرب هنا لا يحضرون لنفس الأهداف التي ذكرتها، قلت له وكذلك الأوروبيين حين يسافرون لبلداننا فإنهم لا يأتون للأهداف النبيلة نفسها، قلت لك ذلك يعتمد على الطريقة التي تفكر وتعيش وتتعامل بها مع الحياة ومع الآخر، قال هناك شعوب أقرب للبربرية وللأسف فهم عرب!

في الحوارات مع الأوروبيين عليك أن تحتمل كل ما يطرحه محاورك، أما في بريطانيا فعليك أن تكون هادئاً وبارداً كالطقس، لذلك تمسكت بهدوئي الشديد وقلت له، اسمع هذه الشعوب ليست بربرية أبداً.

أنت تتحدث عن شعوب أتت إلى أوروبا وإلى بريطانيا في ظرف سياسي وتاريخي ملتبس ومعقد، ثورات وفوضى وسقوط أنظمة وبروز جماعات وتيارات متطرفة باسم الدين مولتها بلدان غربية معروفة، حصدت آلاف الأرواح وشردت ملايين وخربت مدناً عريقة وعظيمة، وأباحتها للخراب والدمار، من فعل كل ذلك؟

إن هؤلاء فروا بحياتهم إليكم، لأن الفرار من الموت وطلب النجاة حق تدافعون عنه أنتم كل يوم، أليس ذلك ما تسمونه حقوق الإنسان؟ فإذا جاء هؤلاء مهاجرين أو لاجئين، وبلدانكم وافقت عليهم واحتضنتهم، فكيف صاروا بربريين ومتخلفين إذاً؟

قال نحن ليست لدينا مشكلة مع الإماراتيين والكويتيين والـ..إلخ إنكم تأتون هنا منذ سنوات، قلت له الوضع مختلف والمقارنة غير موضوعية أبداً وغير عادلة، نحن نأتي سياحاً وطلاب علم وتجاراً وو، نأتي من منطلق قوة، ومع ذلك فإنكم لا تتخلصون من النظرة الفوقية للعرب، أما هؤلاء الذين تتحدث عنهم ـ تحديداً ـ فيأتون من زوايا مختلفة تماماً وعليكم أن تتعودوا قبولهم واحترام إنسانيتهم لأنهم سيكونون جزءاً من نسيج مجتمعكم..

 أليس هذا ما تطالبون به العالم؟

Email