أول حاكم أميركي.. مصري

ت + ت - الحجم الطبيعي

بعيداً عن جذور النشأة واقتراباً من الأحلام الكبيرة التي داعبت مخيلة المكتشفين والمهاجرين الأوائل للعالم الجديد، فإن الولايات المتحدة تبدو وكأنها لاتزال وفية جداً لتلك الأحلام والمقولات العظيمة التي أوجدتها كفكرة مركزية للحرية الفردية والديمقراطية السياسية، وكدولة عظمى مسيطرة ومتحكمة في العالم، ولندع جانباً هذه الضجة الكبرى المصاحبة لتولي دونالد ترامب منصب الرئيس، بكل ما أعلن عنه من توجهات وأفكار وسياسات، وصفت بالعنصرية والتطرف وما إلى ذلك!

هل سقطت تلك السرديات الكبرى فعلاً كما يروج الكثيرون؟ هل صحيح أن ترامب اغتال فكرة (الحلم الأميركي) الذي داعب أحلام كل الشباب في دول الأنظمة الشمولية ودول الفقر والقمع، وأصحاب المشاريع المستحيلة والمضطهدين والمهاجرين، وذلك بعد كل ما قذفه في وجههم بحملته وأفكاره وقراراته وصوته العالي والمتشنج وقبضته التي لوح بها في وجه العالم، وهو يقول في خطاب التنصيب (أميركا أولاً)، موحياً بأنه سيفترس الجميع لأجل تحقيق هذا المبدأ؟

هل ستنكفئ أميركا على نفسها، ستبني سوراً يحميها من دول الجوار الضعيفة التي لطالما عبث جهاز استخباراتها المتمدد (CIA) في سياسات هذه الدول، وغير وبدل فيها كما يحلو له، وكما تقتضي مصالح الولايات المتحدة؟ هل أصبحت أميركا القوية العملاقة تخشى مهاجري سوريا والعراق ومتسللي المكسيك، وشعوب من اعتبرتهم ذات يوم سكان جمهوريات الموز المنتظرين بلا حول ولا قوة في حديقتها الخلفية؟ لا يمكن أن يكون ذلك صحيحاً لا بالمنطق ولا بقوانين القوة وسيرورة التاريخ!

عبدالرحمن محمد السيد، طبيب وناشط مدني أميركي مسلم من أصل مصري، ولد لأبوين مصريين مهاجرين، وهناك تعلم وعاش وتشرب قيم الديمقراطية الأميركية، وتدرج في عمله حتى وصل لمنصب المدير التنفيذي لقيم الصحة في مدينة ديترويت منذ سنتين تقريباً، قبل أن يستقيل أخيراً، ليس بسبب توجهات وسياسات ترامب، ولكن ليدخل سباق المنافسة على منصب حاكم ولاية ميتشغان.

وهو يعتقد أنه سيكون الحاكم المسلم الأول لولاية أميركية، تماماً كما سمحت أميركا لحكام من أصول إيطالية وألمانية وغيرهم من المهاجرين أن يصلوا إلى هذه المناصب الرفيعة، وكما صار ممكناً أن تكون سيدة أميركا الأولى وزوجة ترامب ذات أصول صربية، ولم تحصل على الجنسية إلا منذ وقت قصير!

على أميركا أن تظل وفية لقيمها التي قامت عليها، وبها استطاعت أن تصدر نفسها دولة الحلم وقلعة الديمقراطية إذا أرادت أن تبقى القوة العظمى في العالم، فهذه القوة نصفها عسكري وأكثرها ثقافي يمد جذوره في عمق الحلم الإنساني الساعي لمجتمع حر وديمقراطي ولاعنصري!

Email