ماذا لو لم تجد عملاً حكومياً

ت + ت - الحجم الطبيعي

الآن، لنناقش هذه الفكرة بهدوء، وبعيداً عن المثاليات، وما يجب والمفروض، لنناقشها كما هي، كفكرة مجردة، كحالة إنسانية يمكن أن تحدث في كل مكان في العالم، ولأي إنسان، مع الأخذ بعين الاعتبار، الظروف الاقتصادية والسياسية لكل مجتمع، فرغم من وجود مجتمعات متطورة جداً، تقدم لمواطنيها خدمات ومستوى معيشياً عالياً نسبياً.

إلا أن هذا لا ينفي وجود أشخاص لا يجدون وظيفة بعد التخرج، ويظلون في بحث طويل ومضنٍ عن عمل، ونقصد بالعمل هنا، الوظيفة الحكومية، لأنها تبقى الخيار المفضل، نظراً لضمانات الراتب والمزايا المختلفة.

ماذا يفعل أولئك الذين لا يجدون عملاً بعد تخرجهم، وربما لسنوات، وليس أيام أو أشهر؟، فيما قبل ثورة مواقع التواصل، كانوا يتصلون بالكتاب والصحافيين، ليحولوا حالاتهم إلى تحقيقات ومقالات رأي، ربما تتحول إلى صوت عالٍ يسمع في أروقة صناعة القرار، ثم أصبحوا يترددون على معارض الوظائف بانتظام، ويعودون للشكوى، مقتنعين بأن مسؤولي تلك المعارض ليسوا جادين في مساعيهم.

في الأيام التي أعقبت ظهور تويتر وفيسبوك، تحولت هذه المواقع إلى أكثر من منصات عرض، تحولت لحائط مبكى، يتوقف عنده أولئك الناس ليشتموا ويسبوا ويتهموا ويلوموا كل العالم، ما عدا أنفسهم!، وهنا نطرح السؤال: ماذا لو لم تكن الوظيفة الأمل متوفرة، ماذا لو لم تجد وظيفة حكومية؟، هل سيبقى هؤلاء يمضغون القهر والشكوى، ويسندون رؤسهم إلى حوائط المبكى الافتراضية؟.

فهل يجب على الحكومة فقط أن توفر الوظيفة أو العمل أو الحل أو المخرج؟، في الغالبية العظمى من الحالات، نعم، فهذا أحد أدوار الحكومات: خلق فرص عمل للعاطلين، لكن لماذا لا يبحث الإنسان عن فرصته الخاصة؟، لماذا لا يصنعها؟، لماذا لا يفعل شيئاً ذا قيمة وهو ينتظر الفرج؟، كأن يخلق عملاً لنفسه، يكتشف إمكاناته، يتطوع في برامج المؤسسات الأهلية والخيرية.. إلخ؟؟.

كثيرون لا يعرفون كيف يوسعون أفق نظرتهم للحياة، ولا يحاولون أن ينظروا في ما وراء سياج البيت أو حدود الوظيفة، وهنا، يجب على المدارس والمناهج أن تعلم الطلاب مهارة إدارة الوقت وإدارة الأزمات، حتى لا يهدروا أوقاتهم في البكاء ولوم الجهات المسؤولة!

Email