يفهمون السلبية على طريقتهم!

ت + ت - الحجم الطبيعي

يفهم البعض التفكير الإيجابي والنظرة الإيجابية للحياة ولمجمل ما حولنا بشكل مشوش وقاصر أحياناً، فالربط بين إبداء أو تمثيل الرضاء عن كل شيء حولك لا يعني أنك إيجابي، والإشارة إلى وجود تجاوز لا تعني أنك شخص سلبي، فالإنسان الطبيعي هو من يتفاعل مع ظروفه والبيئة المحيطة به بردات فعل طبيعية ومتوازنة، فإذا طفح به الكيل وزاد العبء على قدرته على الاحتمال، فلا بأس أن يصرخ بحثاً عن مخرج، هذا تماماً ما يفعله الناس في كل الدنيا، فنحن في نهاية الأمر نعيش مع بشر على الأرض وليس في المدينة الفاضلة، ثم إن هذا التفاعل يقود إلى التصحيح والأفضل دوماً.

لذلك بدا لي ذلك الحوار عقيماً وشبيهاً بحوار «الطرشان» بين شابين كانا يتجادلان في أمور عادية لها علاقة بغلاء المعيشة، وعدم حصول أحدهما على ترقية مستحقة بسبب تعنت مديره، وبقاء سقف مرتبه عند حد معين منذ سنوات ما يصعب عليه ظروف الحياة، ويمنعه من التمتع بأشياء كثيرة أسوة بغيره، إضافة لبعض الالتزامات المادية التي لا يجد لها مبرراً، والتي يضطر لدفعها لجهات حكومية أحياناً، كان واضحاً أن أحدهما يعيش وضعاً مادياً غير مريح.

بينما الآخر أوضاعه على أحسن ما يرام، والأمر طبيعي فالتفاوت بين الناس أحد قوانين الحياة الثابتة. غير الطبيعي هو دعوة ذي الدخل المرتفع لزميله بالتوقف عن الشكوى والنظرة السلبية للأمور، بينما يصر الآخر على أن السلبية ليست إحدى صفاته، وأنه إذ يشرح وضعه الحقيقي لصديق، أو يستفهم عن قانون معين أو يبحث عن إجابة شافية لكيفية الحصول على حقه بالترقية، فإنه لا يمارس أي دور سلبي ولا يقلل من حجم إنجازات المؤسسة، وإلا فلماذا وجد القانون، والإدارات القانونية في المؤسسات، والمحامون والقضاة و... الخ؟.

لماذا يصر البعض على أن يرفعوا في وجهك سيف السلبية وتهمة النيل من إنجازات الوطن، كلما تحدثت عن خلل أو عن تجاوز أحد المسؤولين؟ ألا يحدث ذلك في الواقع؟ لماذا هذه المزايدة إذن؟ ما هكذا تورد الإبل أيها الإيجابيون.

Email