هل للإسلام علاقة بالتطرف فعلاً؟!

ت + ت - الحجم الطبيعي

لطالما تكررت هذه العبارة في وسائل الإعلام الغربية والعربية: «إن مناهج التربية والتعليم في مدارس العرب هي السبب في تخريج جماعات التطرف والتيارات الإرهابية»، والاتهام كان يؤشر دائماً إلى مناهج التربية الإسلامية وخطب المساجد ومدارس القرآن في بعض البلدان.

وقد شُنّت حملات كثيرة باتجاه خفض نبرة التطرف وإثارة النفوس وشحنها، التي كان يقوم بها بعض الوعاظ والشيوخ من خلال الخطب والدروس والفضائيات الدينية، التي ظهرت بشكل غير مدروس بعد ما عُرف بثورات الربيع العربي.

وفي الحقيقة إن العالم العربي لا يخلو من خمائر ممتازة أُسست عليها تيارات وتوجهات متطرفة، واتخذت من الدين منطلقاً تنظيرياً لتبرير أفعالها وتوجهاتها، فهناك أكثر من سبب للتطرف والمبالغة في العنف ضد الآخر (المختلف والمخالف)، حتى إن كان من الوطن نفسه والقبيلة وحتى العائلة، المهم أن كل تلك الأسباب لا علاقة لها بالدين الإسلامي العظيم أصلاً، فكلها أسباب نتجت ووجدت إثر تراكمات كثيرة وغائرة في طبقات المجتمع والذهنية الإسلامية على مدى قرون.

إن الجهل والفقر والتوزيع غير العادل للدخول في كثير من المجتمعات الإسلامية، وبطالة الشباب، وتدني الخدمات الحياتية، والتنشئة الخاطئة داخل الأسرة، ونوعية العلاقات بين أفرادها، وبيئات المدارس التي يلتحق بها الأفراد، والحريات الفردية التي يتمتعون بها في حياتهم الاجتماعية، وحملات غسيل الدماغ التي يتعرضون لها منذ نعومة أظفارهم ضد الديانات والثقافات الأخرى.

كذلك مستويات ونوعيات المعلمين ودرجات تعليمهم وثقافتهم وتدريبهم، والصدام اليومي بين الحداثة والمجتمع التقليدي، كلها خمائر خطرة أسهمت في ارتفاع منسوب العنف والاحتقان في نفوس آلاف ممن تحولوا إلى جنود في خدمة تيارات الإرهاب الضاربة أطنابها في كل جزء من بلادنا العربية.

لكن ألا يحق لنا أن نسأل هنا عن السبب وراء ظهور تيارات العنف والإرهاب كذلك في مجتمعات أوروبا وأميركا؟ إن حادثة مطار فلوريدا الأخيرة تفتح الباب لتساؤل مشروع كهذا.

فهذا الشاب العسكري الذي خدم في الجيش الأميركي البالغ من العمر 26 عاماً، فتح النار على الناس داخل المطار وقتل العديد منهم، دون أن يلتحق بمدارس دينية، وليس له صلة بالعرب والمسلمين، ومثله كثيرون ممن قتلوا زملاءهم في المدارس والمستشفيات بالتطرف نفسه؟ لماذا لم يزج الدين هنا بين ثنايا الحكايات؟

Email