حالة ندم في الوقت الضائع!

ت + ت - الحجم الطبيعي

يقول الخبر إنه منذ عدة سنوات قام فريق من العلماء النفسانيين في أستراليا بدراسة على عينة من كبار السن، ومن نزلاء أحد مراكز المسنين هناك، وكان اختيار العينة يعود لمشارفة بعضهم على الموت، ولتقدم الكثير منهم في السن، ومضي الوقت اللازم لإمكانية تغيير الحياة أو الوظيفة أو شيء من هذه التفاصيل المحورية في حياة أي شخص.

فحين يلقى بشخص في دار المسنين يكون الوقت قد فات لاستدراك أي خطأ، أو لتصحيح أو تعديل أي مسار، فحتى أولئك الذين عاشوا قصصاً مؤلمة ينسون كل الألم والإحساس الذي سيطر عليهم في شبابهم للانتقام ممن تسبب لهم في ذلك الألم، فحين يتجاوز الرجل أو المرأة الثمانين، أو ما يزيد، ينتابه الخوف والطمأنينة في الوقت نفسه، ويصبح متسامحاً بشكل لا يصدق، وهذا ما يمنحه الطمأنينة، ربما لأن مشاعر الحقد والضغينة والرغبة في الانتقام والقصاص تجعل صاحبها تحت وطأة القلق والخوف باستمرار!

وجه العلماء النفسانيون سؤالاً واحداً لمن كان باستطاعته أن يجيب ويتجاوب ويستجمع شتات نفسه وكلماته المتلعثمة والمترددة، السؤال الذي وجهوه لهم كان: ما هو الشيء الوحيد الذي ندمت عليه طوال حياتك؟ لقد حاولت توجيه هذا السؤال لعدد من الأشخاص من متوسطي العمر، وقد كان غريباً إصرار معظمهم أنهم لم يندموا على أي شيء فعلوه، لأنهم كانوا مقتنعين بخياراتهم، كما كانوا يمتلكون دائماً حريتهم المطلقة للمفاضلة بين الخيارات واختيار ما يؤمنون بأنه الأفضل!

إنها محاولة لتجاوز بعض الجراح ربما، فنادراً ما لا يندم الإنسان على شيء، إن الاعتراف بالندم ليس خطراً على الصحة وليس عيباً وليس تهمة، إنه شجاعة حقيقية وفرصة للتخفف من الأعباء الزائدة، تماماً كمن يخفف وزنه ليصير أكثر لياقة لعبور بقية الطريق!

هل ستتفاجأون إذا علمتم الإجابة؟ إن الإجابة التي تكررت مع أغلبهم هي أنني عشت كما أراد غيري أن أعيش، ولم أعش كما أريد أنا أن أعيش، ولو عاد بي الزمن إلى الوراء ووقفت عند تلك اللحظات الحاسمة التي توجب علي فيها اختيار دراستي وعملي وبلد إقامتي وأفكاري ووو... فربما تكون خياراتي مختلفة تماماً! هل يمكن أن يكون ذلك صحيحاً؟ لماذا سيختار بشكل مختلف طالما سيوجد في المكان نفسه، وفي الظروف نفسها، وتحت وطأة الموجهات والضغوط عينها، يتمنى الإنسان ذلك حين يدركه الوقت.. يتمنى لكن لا شيء آخر يمكن أن يتغير!

Email