الكتابة لا تشبه أي شيء في العالم

ت + ت - الحجم الطبيعي

حين لا أكتب شيئاً، لا للصحيفة التي أكتب فيها بشكل يومي ولا للمواقع الإلكترونية التي أتعاون معها ولا أكتب مذكرات أو حتى أجزاء من العمل الروائي الذي بين يدي، أي حين أتوقف تماماً عن فعل الكتابة مثل كثير من الكتاب حين تستعصي عليهم الكتابة.

وهذا يحدث كثيراً ويحدث لمعظمنا وليس في الأمر لا (عين صابتك) ولا (حد عاملك عمل) ولا (الجو لا يشجع على الإبداع) كل ما في الأمر أن الكاتب يعاني من عدم توازن أو إجهاد ذهني أو فراغ مؤقت!

ككاتب أنت تحتاج إلى الامتلاء دوماً وإلى استمرار تدفق هذا الذي يملؤك، تحتاج إلى المزيد من الانطلاق في الحياة، إلى السفر ربما، إلى الكثير من النوم، من الراحة، أو الى بذل مزيد من التمارين والجهد كي تعيد شحن نفسك وشحذ أدواتك، (الكاتب يشبه بطل سباقات الجري أو الوثب العالي يحتاج إلى تدريبات وتمارين يومية).

يقول لك الخبراء في هذا المجال (ادونيزيو ولوكس) إنه بإمكانك إثراء نفسك بمساعدة هذه الأمور: كتابة الشعر، الروايات، الأفلام، أصناف جديدة من الطعام، السفر، العلاقات، زيارة متاحف الفنون، الأوبرا، الاعتناء بالحديقة، الالتحاق بأحد فصول اليوغا أو تعلم اللغات، الموسيقى.

وأثناء قيامك بهذا سوف تنشغل في حياتك بأمور لا سلطة لك عليها كموت قريب أو صديق، لحظة فرح عارمة غير متوقعة، حادث سيارة بالكاد نجوت منه، ولادة طفل في العائلة، أمراض فصل الشتاء، حصولك على جائزة، مشاكل أسنان مزمنة، اتصال هاتفي غير متوقع يعيدك لعلاقة قديمة...

في حال تعرضك لما يكفي من هذه الأمور يقول خبراء الكتابة «ستتمكن من الكتابة من جديد، وفي هذه الأثناء استرخِ واكتب بقدر ما تستطيع حتى لو كان ما كتبته خالياً من الأحاسيس، انتظر بعدها حتى يصفو ذهنك وتصل لحالة الثراء الفكري وعندما يتحقق ذلك سيعاودك الشغف وستكتب» المهم ألا تكتب أي شيء فقط لأنه عليك أن تكتب، فهذه ليست كتابة هذا إكراه النفس على الكتابة!!

مشكلة كثير من الكتاب (وكلنا نمر بهذا الحال مكرهين) أنهم يكتبون بشكل روتيني كما يذهبون للعمل يومياً ويحيون زملاءهم ببرود ويقبلون زوجاتهم كفعل اعتيادي وكما يفيقون في السادسة وينامون في العاشرة، وكما يتناولون وجباتهم ويشاهدون مسلسل التاسعة..

 بينما الكتابة الحقيقية ضد الروتين وضد القوالب والتنميطات الاجتماعية، الكتابة فعل حياة أو هي فعل يوازي خلق أو الحلم بحياة مختلفة، الكتابة تأكلك تتغذى عليك على عقلك ووجدانك لتكون مبهرة، أنت لا تأكلها كساندويتش ولا تناديها فتأتيك بنعومة كقط المنزل الكسول.

Email