حين تقرأ النساء!

ت + ت - الحجم الطبيعي

سيبدو غريباً القول إن الرجال الشرقيين العرب وحتى غير العرب لا يفضلون المرأة الذكية القوية الشخصية والتي تلجأ إلى نباهتها وفطنتها الطاغية في تعاملها معهم ومع الحياة كلها، وغالباً ما يكون تفضيل المرأة الجميلة لكن المستكينة، أو تلك التي لا تميل للجدال والنقاشات الحادة قضية محسومة لدى معظم رجال العالم، مع استثناءات قليلة من الرجال الذين يحترمون ذكاء المرأة كما يعجبون بجمالها وفتنتها.

يفضل معظم الرجال المرأة الذكية القوية كزميلة عمل، أو زميلة دراسة ربما لكن ليس أكثر، وقد يغار أو يستاء من ذكائها إذا أهلها ذلك الذكاء لتتفوق عليه. المشكلة ليست في المرأة ولكنها في تكوين الرجل الذي يميل فطريا لأن يكون الأقوى والمفضل (فقط لأنه رجل)، كما يميل لحسم الأمور بأقل قدر من النقاش والجدال بحجة أن لديه ما يكفي من وجع الدماغ وضغوطات العمل وغير العمل.

وحين يتعلق الأمر بأمور البيت والأولاد ومسائل الإنفاق ومصاريف الأبناء ومشاكل الخدم وبرامج السفر، وتلك المشاكل التي يتسبب فيها الأولاد مع أولاد الجيران، فإنه في كل تلك المواقف يميل للحسم السريع والهادئ والبعيد عن الجدل والمرتكز غالباً على التنازلات.

كثيرون يميلون لذلك النمط من النساء الذي أشاعته كتابات بعض الروائيين الأوروبيين في العهود الملكية، أو الذين عاصروا العهد الفيكتوري حين كانت الإمبراطورية البريطانية تحت حكم الملكة فيكتوريا أقوى نساء العالم في ذلك الزمن. لقد كانت فيكتوريا معارضة شرسة لفكرة حصول أية امرأة أخرى على أية سلطة، فالمرأة ليست أكثر من ملكية خاصة للرجل الذي تقيم تحت رعايته أباً كان أو زوجاً أو أخاً. هذا المناخ هو ما نقله روائي بحجم تشارلز ديكنز في كل رواياته مصورا النساء في تلك الروايات بالجمال لكن بالحمق والضعف وعدم الفطنة، لأن هذا بالضبط ما كان مطلوباً في المرأة.

في عالمنا العربي وحتى وقت قريب كان ممنوعاً على الفتيات أن يقرأن الروايات ودواوين نزار قباني مثلاً. هذا الأمر كانت تتبعه كثير من العائلات الأوروبية التي منعت الفتيات من قراءة الروايات إن كانت البطلات فيها مثيرات للجدل، وعوضًا عن ذلك، نُصحن بقراءة كتب لكتاب متدينين، حول كيف يجب على الفتيات والنساء أن يتصرفن!

يمكن القول بيقين إن حق القراءة شكّل منعطفاً تاريخياً في مسيرة تطور النساء في العالم.

Email