في الإعلام الكل يبحث عمّن يشبهه!

ت + ت - الحجم الطبيعي

سألت واحدة من بنات هذا الجيل، الذي يطلق عليه البعض جيل «الدوت كوم» و«الهامبورغر» و«الآيباد» والمدارس الخاصة و«الإنجلش»، بسبب اقتران نشأتهم بهذه الثيمات الفاقعة التي ظهرت عندنا .

كما ظهرت عند غيرنا، لكنها أثرت في أجيالنا ومجتمعنا بشكل مختلف وعميق ومفزع، نظراً لقوة الطفرة التكنولوجية والرفاه المادي وعشرات الجنسيات والثقافات التي أغرقت هويتنا، رغم كل المحاولات الجادة للحفاظ عليها والارتفاع بها فوق طوفان الثقافات التي نموج بينها!

سألتها عن سر متابعتها الدائمة لواحد من الأسماء الإماراتية الشهيرة على موقع السناب شات، فقالت بشكل مباشر: لديه متابعون شباب بالآلاف، بالنسبة لي تعجبني طريقة كلامه، ثم أكملت: أحس أنه يتحدث بطريقة «نايس» تذكرني بطريقة جدي وجدتي الله يرحمهما!

سألتها أن توضح لي قصدها بتعبير «نايس»! فقد خشيت أن تكون الفتاة تتابع حكايات وأحاديث الرجل كنوع من التسلية والضحك ليس إلا، كمن يتفرج على مهرج مثلاً، فأجابت «أشعر بأنه يشبهنا، يشبه جدي وجدتي، كلامه يشبه كلام أهلي وجارات أمي، الأشياء التي يعرضها وينوّه عنها ويسترسل في شرح تفاصيلها مهمة جداً، تضيف لي معلومات بلغة أفهمها دون ملل.

نحن مللنا من الإعلاميين المزيفين الذين يملؤون الإعلام التقليدي والاجتماعي، الذين لا يقدمون ما يهمنا نحن، ولكن ما يخدمهم هم، كما مللنا هؤلاء الاستعراضيين جماعة الماركات والمقاهي والعبارات المنسوخة والمسروقة، والثرثرة والبرامج الفارغة!

بصراحة شديدة إذا كان لدينا جيل صغير يفكر بطريقة هذه الفتاة وبهذا البعد، فنحن بخير فعلاً، لا أعمّم ولا أقول إن كل الصغار لديهم هذه الفطنة التي لديها، لكن إشارات الفتاة في غاية الأهمية، هي لم تجاهر بالنقد والهجوم حتى لا تتهم بالسلبية كما هو شائع، لكنها كعادة هذا الجيل الذي تعلم في المدارس والجامعات الأجنبية، التفكير الحر والرأي المباشر والجرأة، فأصبح يطرح قضايا حساسة بمنتهى المباشرة، ما يجعلنا نعيد التفكير في منظومات كاملة وخاطئة تعودنا عليه لسنوات وسنوات!

Email