من نيس إلى طوكيو.. التطرف لا حدود له

ت + ت - الحجم الطبيعي

في حادث يبدو غريباً في سياقه الاجتماعي، كونه وقع في اليابان التي تلتزم بأخلاقيات صارمة، وبقوانين منع المتاجرة وامتلاك الأسلحة، هاجم مسلح بسكين داراً للمعاقين في إحدى مناطق طوكيو، وتسبب في وفاة 19 شخصاً من نزلاء الدار، الحادثة تبدو قاسية جداً، كونها موجهة ضد معاقين من أصحاب الحالات الصعبة أولاً، ولأنها لم تجد الصدى الإعلامي الذي لقيته حوادث الإرهاب المتفرقة التي تتالت على ألمانيا وفرنسا في الفترة الماضية ثانياً.

الملاحظ أن حادثة طوكيو التي تعتبر جديدة على المجتمع الياباني، قوبلت بما يشبه الإهمال أو اللااهتمام الإعلامي العالمي، فمرت بتغطية خافتة جداً، رغم أن ملابسات الحادثة تفرض قراءة واسعة للحدث، كما تفرض مقاربة منطقية مع حوادث نيس وميونخ وملهى المثليين في فلوريدا وغيرها، بسبب وجود قاسم مشترك واضح بينها جميعاً، يتمثل في أن جميع منفذي هذه الاعتداءات قد تم تصنيفهم على أنهم مختلون عقلياً أو نفسياً!

لقد اكتفت ألمانيا بطمأنة الألمان والعالم من خلال تأكيد الشرطة والأمن، أن حادث القطار وحادث إطلاق النار في ميونخ، وحادث قنبلة المطعم، لا تحمل أي منها بصمات تنظيم داعش أو أي بصمات إرهابية أخرى، وأنها محض حوادث منفصلة لا رابط بينها! فهل يكفي ذلك؟

تبدو التغطية الإعلامية للاعتداءات والجرائم ذات الصبغة المتطرفة أو الإرهابية متحيزة جداً أو على الأقل غير مفهومة، فإنسانياً يمكن اعتبار الضحايا المعاقين اليابانيين الذين تجاوز عددهم 45 شخصاً، أَوْلى بتسليط الضوء والاهتمام من المثليين (أنا أؤمن بذلك، رغم كل الكلام التافه عن حقوق المثليين)، ومع ذلك قامت الدنيا لأجل حادثة ملهى المثليين الذي تسبب فيه مهاجر من أصل أفغاني، والحال نفسه مع الضحايا الذين راحوا ضحية تفجيرات في العراق وباكستان وأفغانستان في اللحظة نفسها دون اهتمام يذكر.

الملاحظ أن الضجيج الإعلامي الذي يصاحب العمليات الإرهابية التي يتبناها داعش، في جزء كبير منه ليس تعاطفاً مع الضحايا، ولكنه جزء من استراتيجية أوروبية تهدف إلى توظيف دم الضحايا لصالح أهداف أخطر وأكثر براغماتية. وهو أولاً وأخيراً توظيف خطايا الإرهابيين لشق طرقات جديدة نحو الشرق، تحت شعار القضاء على الإرهاب الذي يهدد الغرب وحضارة الغرب!

Email