المستقبل لمن يعشق الكتب

ت + ت - الحجم الطبيعي

اليائسون مما يجري في منطقتنا العربية يعتقدون أن الأمور تتجه نحو الأسوأ وأنه لا خلاص أبداً، في الأدب مثلاً يؤمن محمد ربيع في روايته (عطارد) التي وصلت للقائمة القصيرة ضمن جائزة البوكر العربية أنه لا خلاص لمصر (وللعرب عموماً) إلا بالانفجار، أن تنفجر الأوضاع وينتهي كل شيء لتبدأ المنطقة بإنبات بذور جديدة لحياة وإنسان مختلف ومتطهر من كل التلوثات السابقة، وبالتالي تبدأ دورة جديدة للحياة، وبخلاف الروائي المصري فهناك كثيرون يؤمنون بأنه لا أمل في هذا الموجود حالياً!

المتفائلون بالمستقبل يعتقدون شيئاً آخر مختلفاً وعلى النقيض، وهؤلاء كثر ومن جميع التيارات، ليس في الأمر مثالية ولا مبالغة ولا عدم اعتراف بهذا التوحش الحاصل في عالمنا لكنه إيمان أقوى بالحياة وامتثال لشروطها.

فالحياة لا تسير على وتيرة واحدة ولا تتنفس هواء واحداً ولا تكتمل بلون واحد، وكما تستمر بالولادة فإنها تستمر بالموت، الفناء شكل آخر للحياة، الدمار هو الوجه المقابل للعمران والبناء، ما من أرض تترك يباباً إذ سرعان ما تمتلئ بشيء ما يوحي بدبيب الحياة، فالطبيعة بطبيعتها تكره الفراغ!

في حفل تكريمه بجائزة زايد للكتاب باعتباره شخصية العام الثقافية وقف الروائي أمين معلوف ليقول كلمة بسيطة شديدة الدلالة والتأثير، قال إنها الكلمة التي يستحضرها بهذه المناسبة، وليس غريباً أن يتحدث فيها عن المستقبل، هو الروائي صاحب المشروع الحضاري العميق والسجل الإبداعي الثري، والذي يعد لعمل جديد.

قال لي حين سألته عنه إنه يعمل عليه لكنه سيستغرق وقتاً، هذا يعني أن معلوف يتحدث عن عمل مستقبلي لقارئ سيقرأه في المستقبل، المستقبل لا يعني زمناً سيأتي بعد عشرات السنين، فحتى الغد يعتبر مستقبلاً وعلينا أن ننتظره بالإيمان والعمل!

في كلمته بعد تسلمه الجائزة قال معلوف: (علينا أن نبني المستقبل بالأمل والثقة بالنفس، الثقة بأن المستقبل ليس فقط للآخرين، المستقبل لنا أيضاً، لنا ولأبنائنا وبناتنا، المستقبل لكل من يعشق المعرفة والابتكار والإبداع، المستقبل لمن يعشق الكتب، أي لمن يعشق الحياة).

الإمارات تنجز الكثير من الأعمال والمشاريع الحقيقية، جوائز العلوم والآداب والمسرح والثقافة والترجمة والرواية.. كل هذا المنجز في عالم الثقافة والإبداع والمعرفة والكتب، دليل ساطع على الإيمان بالمستقبل، فالمستقبل لنا كما لغيرنا!

Email