وصل البرونزي الذهبي مع الأبيض الإماراتي!

ت + ت - الحجم الطبيعي

فمهما إختلفنا أنا وأنت وهو على الميدالية البرونزية، إلاّ أن (الأبيض الإماراتي) العائدون اليوم من أستراليا، ليسوا بميدالية برونزية الداخل أو ذهبية الخارج،  وإنما هم بالذهب كل الذهب من الداخل .. ذهباً لا هو بالطلاء الخارجي ولا الجماد الداخلي، وإنما معدنا قيراطه الداخلي يقبل النمو والتطوير.!

لايمرّ جمعة (30 يناير 2015)، في حياة الأبيض الإماراتي الرياضي والأبيض الإماراتي العادي مرورا عاديا، إنه يومٌ ليس كباقي الأيام في حياة المواطن الإماراتي العادي أو الدبلوماسي .. العسكري أو المدني .. الجوي او البحري .. الإداري او الميداني .. الوظيفي او التقاعدي .. ولا حتى القيادي او الشعبي، فلا تغضوا الأبصار إليوم عن قاعة المجلس بمطار دبي الدولي وهم  خارجون منها بالبرونزي الحرباء سيقبل كل الألوان.!

كنّا نحلم، وكان ذلك حلماً من أجمل أحلامنا، أننا إذا وصلنا يوماً إلى كأس آسيا، فسنحتفظ شعاعات شمس يومه من جمعة إلى جمعة في قارورةٍ إلى أن يصل ذلك اليوم الذي سنقف فيه على أقدامنا .. وشاء الله اننا وقفنا على أقدامنا من اليوم الأول، فبين جمعتين على التوالي، أسقطنا بطلين على التوالي.!

في الجمعة الأولى أجبرنا الساموراي الأزرق (المنتخب الياباني) حامل اللقب على التنازل عن اللقب .. وفي الجمعة الثانية إنتزعنا المركز الثالث بالميدالية البرونزية من المنتخب العراقي أسود الرافدين.

وبين الجمعتين إكتشفنا أن بداخل كل من الجهاز الفني والإداري الإماراتي معدنُ لايقبل القسمة على إثنين الا بوحدة النمو والتطوير، وكانت القدر لنا بقسمة السماء ولأرض .. فقسمة الأرض جعلتنا في موجهة أهل الأرض (الأستراليين) .. وقسمة السماء جعلت الأبيض الإماراتي في كماشة الإرهاق بمباريات شاقة كل ثلاثة أيام أمام خصوم أقوياء ثلاث (إيران، يابان، أستراليا) في أسبوع واحد، وعاد في الأسبوع الذي يليه الى ربوع الوطن بكأس برونزي الظاهر، وينطق بالكثير من الباطن بذهبيات قادمة..

ومن حق هذا الفريق البرونزي الظاهر، ان يرى الألوان القادمة بما يرى وما يريد، خاصةً وفيهم من حقق خمسة أهداف بقدم واحد، وحقق أسرع هدف في تاريخ البطولة (14 ثانية.!) .. ممن تُوّج بأول إماراتي وخامس عربي في تلك المغامرات، والمغامر هو ذاته الإماراتي المتوّج بكأس آسيا كان قد تُوّج قبل ذلك بنجم الأهداف في كأس الخليج.

العائدون من سيدني، وإن عادوا بالبرونزي اليوم، الاّ انهم عرفوا الطريق واخترقوه لما بعد برونزي وقبله قبل أستراليا وقبل كأس آسيا، إنهم المخضرمون مع النمور الأربعة الشقراء بالقارة الصفراء، إنهم المحبّبون في تلك المشاركات النهائية كلها، وحتى بالجماهير الأسترالية في ملعبهم خصما.

لا أرى مسافة بين البرونزي وما بعده للأبيض الإماراتي، إنه لم اللاعب الدخيل بالمدرب الدخيل وفي الملعب البديل، لم نعد نستعين باليد المستعارة والصفارة المستعارة والعيون المستعارة التي لا تبكي بحرارة .. كل الصعوبات والأهوال التي قابلتنا تخطيناها، ونقف اليوم على قمم لا يمكن الانطلاق منها الى إلى قمم اعلى منافسة، ومن يشمّ في كلامي عنصر المبالغة، عليه ان يراجع صفحة اليابان من بعد هيروشيما التي بها اقسم كل ياباني ويابانية ان تكون عبقرية اليابان تفوق على أميركا والعالم بسلاح العلم والمال والفن، والرياضة سيدة الفنون  والكروية بالذات لا فوقها ولا قبلها ولا بعدها فنون.

لا نريد يوم الوصول إلى الكأس الذهبي، فهو ليس صعباً ولا هدفاً، ولا حمله على الأكتاف بطولة، ولا يختلف حامل الكأس على كتفه بالصدفة او بالحظ السعيد، عمن يقوم بصبغ البرونزي بالطلاء الذهبي والفضي من محلات الصاغة والمجوهرات ..

وإنما ننتظر يوم الإحتفاظ بالكأس، هو يوم الوطن، يوم لا عطلة فيه ولا اجازة ولا تزويغ، يوم غير مربوط الحجم  بحجم المكافئات المغرية، والرواتب العالية.

إنه يوم لذةٍ لاحد لها من لذّة، أن يصنع الأبيض الإماراتي من قطرات عرق تصببت منذ نشأة الإتحاد في ملاعبنا المحلية والأقاليم والقارات، نصنع من كل قطرة خرسانة مسلحّة، هو الكأس الشامخ لا تهزّه رياح الغرور والجشع، ويصمد في وجه الألوان كلها من الذهبي والفضي والبرونزي بلون الوطن الواحد.

Email