ضمير العرب من يحمله يحملهم عبد الله محمد سعيد الملا

ضمير العرب من يحمله يحملهم

ت + ت - الحجم الطبيعي

هذه الكتابات ما هي إلا امتداد لأفكار طرحت سابقاً للكاتب ( امتلاك العقل العربي ؟ البيان 10/12/2007) والذي خلص بأن للوصول إلى العقل العربي وامتلاكه يحتاج لتلك الدرجة من الثقة والثبات بالنفس »نعم أني استطيع فقد عملت ورأيت نتاج عملي» فإذا استطاع ذلك القائد العربي إثارة مخيلة العرب ويضع انجازاته حيز الوجود لتصبح المخيلة واقعا حين إذا يمتلك العقل العربي.

وهكذا فمن يستطيع تجبير كسرهم ورفع شأنهم سيمتلك قلبهم وعقلهم، فما أنجزته دولة الإمارات خلال 37 سنة مثال يحتذى به ورفعة لشأن العرب، ولا فخر.

أما الضمير فهو جمع ضمائر: قوة باطنة تميز بين الخير والشر، وتأمر وتنهى وتبعث على الرضا أو الندم، على ما يجوز عمله وما لا يجوز، وهي »ضمير إنساني: «وجود مشاعر في نفوس البشرية جمعاء تهتدي مبادئ الأخلاق بعفوية وتقف بجانب المظلومين أو المستضعفين ( المنجد 2001).

وهكذا فهناك أصحاب الضمير واللذين ليس لهم ضمير، إن ما يخصنا هنا هي تلك المشاعر النفسية لدى العرب، فهي ترى نفسها مظلومة ومستضعفة والكثير يرى أن لا حول لهم ولا قوة، وما سوف نتناوله هنا هي مجموعة الأخلاقيات التي إذا ما تم التعامل مع بعض منها لربما يؤدي إلى بناء نفسية عربية جديدة واثقة من نفسها فعالة لرغباتها وطموحاتها.

الحكم بطبيعته ظالم وسلطوي وتصب كل مشاكله على من يحكم، وفي الكثير من الظروف هناك مصداقية لهده المقولة في العالم العربي فالظاهرة أصبحت أزمة اجتماعية مزمنة لا يعرف العرب كيفية التخلص منها، إن هذه المشاعر بالإحباط الجماعي لدى العرب تعكس الفشل العام لكثير من الدول العربية، وفي هذا يقدم لنا كل من نعوم شومسكي وروبرت روتبرج، بأن معاير الفشل في الدولة وعلاجها تتمثل في:-

1- عدم القدرة أو الرغبة لتلك الدولة على حماية مواطنيها من العنف أو حتى من التدمير الشامل.

2- اعتقاد الدولة بأنها خارج نطاق القانون الدولي أو الداخلي مما يعطيها النزعة لارتكاب العنف والقيام بالعدوان.

يمثل ما طرح الجانب المؤسسي للدولة (الفشل) كمؤثر رئيسي على ضمير العرب، ولعلاج هذا الوضع قبل أن تسقط الدولة في الهاوية يجب عليها أن تقوم بإعادة بناء نفسها على الركيزتين التاليتين:-

1- الركيزة المؤسساتية: تتطلب تطوير كفاءة المؤسسات البيروقراطية ( الحكومية) وإدخال المرونة والقدرة على بناء السياسات المختلفة والعمل على تنفيذها مما يؤدي إلى زيادة ثقة المواطنين بالدولة وخاصة إذا ما تم تشجيع العمل التجاري وتقوية المؤسسات القضائية.

2- الركيزة النفسية: بناء الثقة بالمواطنة وإقناع المواطنين بمواطنتهم ( الانتماء) وللعامل الاقتصادي دور فاعل في ذلك، أما المرونة ( التعامل) التي يجب أن تمتلكها الدولة فستملأ بها الفراغ الذي تولد أثناء التدهور إلى الفشل بينها وبين الطبقات الاجتماعية المختلفة، وهذه الإجراءات مجتمعة ستعطي زخما لبناء النفسية الصحيحة نحو التقدم، ولكن يتساءل البعض عن مقدرة (مصداقية) أي نظام حاكم بإخراج الدولة من الحضيض وهو الذي أدخلها فيه في بادئ الأمر.

أما من الجانب الآخر فيرى كل من الكاتبين رتشارد ووتربري في عام 2008 بأن الخير والشر والمشاعر ما هي إلا تركيبة من تركيبتنا ( يقصدان العرب) الحضارية السياسية وتحليلها ذو طابع أكبر من تحليل الطابع السيكولوجي (النفسي) لقادة المنطقة، ويشدد الكاتبان بأن مشاكل الشرق الأوسط بشكل عام كامنة في الاقتصاد السياسي والمشاكل الاجتماعية في هذه الدول التي تعتمد على الموارد البشرية والمعدنية وتخضع لإستراتيجيات التخصيص (الموارد) للشرائح الاجتماعية لتلك الدول.

في مقال «المملكة العربية والترتيب الجديد القادم»؟ نشر في البيان 20/10/2007 طرح الكاتب مفهوم الثقل الاستراتيجي للدولة بأنه هو العامل اللازم لتغيير مجرى الأمور فيما حولها وهو مزيج مركب من التحالفات الإقليمية والدولية والقوى الاقتصادية مدمج في إطار دبلوماسي لتحقيق مصالحها.

وأضاف «إننا في عصر الممالك والإمبراطوريات حتى لو لم تكن فهي بالشكل». ولخص بأن تاريخ جزيرة العرب أتى بقطبين جغرافيين شمالي وجنوبي وفي زمننا هذا نستطيع أن نعطيه مسمى هلال الخصيب وهلال الخليج كل غني بموارده وكل أغنى من الآخر.

فهل سيترجم هذا إلى ثقلين استراتيجيين وتبلور مملكتين، وما هي مسمياتهما؟ إننا هنا أمام إعادة توزيع الثروة العربية والارتقاء بالعالم العربي، أو بالأحرى الاقتصاد السياسي الذي يقف فيه الحاكم والحكومة والشرائح الاجتماعية الفعالة في 23 دولة عربية حجر عثرة أمام إعادة توزيعه.

خروج مملكة كهذه لتكسر الواقع العربي والذهاب به إلى المستقبل هو ابعد من مفهوم الهيمنة الذي احتكر الزمان وجمد العرب، إننا في حاجة إلى وجوه ودولة جديدة تتميز بكونها: مركز جذب حضاري وعلمي ومركز جذب تجاري ومالي، وأيضا تتحلى ببرامج اقتصادية واجتماعية عربية، وتتحلى بالمهارات الدبلوماسية وقيادة مركزية.

نعم، الخيارات محدودة والأفق سيداهمنا بمملكة العرب ليمتزج العقل والقلب العربي، مات الملك عاش الملك.

كاتب إماراتي

writers@albayan.ae

Email