الآباء المؤسسون

الآباء المؤسسون

ت + ت - الحجم الطبيعي

احتفلت دولة الإمارات العربية المتحدة قبل أيام بمرور سبعة وثلاثين عاماً على تأسيسها وهاهي تدخل الأيام الأولى من عامها الثامن والثلاثين. كانت الاحتفالات رائعة والفرحة عارمة على وجوه جميع قاطني هذا البلد الجميل.

نعم إنه يوم الاحتفال بعيد ميلاد دولة كبيرة بما فعلت خلال السبعة والثلاثين عاماً الماضية لكنه أيضاً يوم الذكرى لمؤسسي هذه الدولة الاتحادية، أولئك الآباء من الجيل الأول الذين كرسوا الجهد وبذلوا الكثير من التضحيات في سبيل تأسيس هذه الدولة التي نعيش على ترابها.

فما تحقق اليوم على أرض الإمارات العربية المتحدة ليس إلا نتاج جهد كبير قد بُذل من قبل الآباء المؤسسين الذين أرادوا لهذه الدولة النجاح فأسسوا للنهج الذي أصبح تسير عليه اليوم قيادات الجيل الثاني للاتحاد. فحق لنا أن نتذكرهم في كل احتفالية اتحادية وحق لنا أن نُربي أبناءنا على ذكراهم فهم الماضي الذي جسد الحاضر بكل ما فيه من نجاح.

لو جلس كل واحد منا يتذكر الآباء المؤسسين للدولة الاتحادية في هذه الأرض الطيبة لما استطاعت وللأسف الشديد إلا قلة قليلة جداً أن تتذكر أسماء أولئك المؤسسين.

فإذا كان هذا الأمر متصلاً بنا نحن الذين عاصرنا مرحلة معينة من مراحل الاتحاد فما بال أبناؤنا الذين جاءوا في مرحلة بعيدة كل البعد عن مرحلة التأسيس، هل سيتذكرون مؤسسي هذه الدولة الاتحادية؟ لعمري أنهم لن يتمكنوا من ذلك؛ لذلك فهي مسؤوليتنا نحن ومسؤولية نظامنا التعليمي أن يُبقي جميع الآباء المؤسسين في ذاكرة أبناء الإمارات؛ فالتضحيات التي قدموها في سبيل إقامة هذا الكيان الاتحادي الذي أصبحنا وأصبح أبناؤنا يرتوون من خيراته كافية بأن نحافظ على ذكراهم.

جميعنا يتذكر الوالد القائد الشيخ زايد بن سلطان رحمه الله ذلك الرجل الذي قدم الكثير حتى ظل اسمه ناصعاً في مخيلة القريب والبعيد والكبير والصغير.

لقد كان لحماس زايد الفضل الكبير في إقامة الدولة الاتحادية وفي الدفع نحو لم شمل أبناء هذه المنطقة تحت راية واحدة، فهو الذي شد الرحال نحو دبي ليجتمع بقيادتها. هناك كان على موعد مع الشيخ راشد بن سعيد رحمه الله الذي قابل دعوة الشيخ زايد بصدر رحب ورغبة في قيام اتحاد يحمي إمارات المنطقة من تهديدات تلك المرحلة. كان الشيخ راشد بن سعيد رحمه الله شريكاً جديراً بالاحترام والتقدير وكانت آراؤه منبعاً استلهم منه الاتحاد خطاه.

لقد جلس الاثنان بكل حماس لإقامة اتحاد ثنائي فيما بينهما ونجحا في ذلك، ويأملان في أن يكونا أيضاً مصدر إلهام لبقية حكام الإمارات من أجل الانضمام تحت راية واحدة هي راية الاتحاد. فتحقق ما كانا يصبوان إليه عندما لبى حكام الإمارات الأخرى بمن فيهم حكام كل من البحرين وقطر دعوة الشيخ زايد والشيخ راشد لينضموا إلى الاتحاد الثنائي فأصبح الاتحاد تساعياً هذه المرة.

لكن الظروف شاءت أن لا يستمر الاتحاد التساعي على ما كان عليه حيث أعلنت كل من البحرين وقطر استقلالهما. هنا لم يجد الآباء المؤسسون السبعة إلا السير مع بعضهم البعض في تأسيس اتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة الذي وجد النور في الثاني من ديسمبر من عام 1971.

في ذلك اليوم اجتمع الآباء المؤسسون في دبي وبالتحديد في قصر الضيافة بمدينة جميرا - الذي عُرف فيما بعد بدار الاتحاد - ليعلنوا قيام دولة الإمارات العربية المتحدة وليرفعوا علمها عالياً وليظل ذلك العلم خفاقاً إلى يومنا هذا على أرض دبي وفي سماء الإمارات وفي ذات المكان الذي اجتمع فيه الحكام في يومهم التاريخي ذلك ليعلنوا قيام دولة الإمارات العربية المتحدة.

كان ذلك اليوم جميلاً للغاية، فكل الوجوه كانت مبتسمة ومستبشرة بكل الخير من ولادة هذا الكيان الجديد. كان المؤسس الشيخ زايد يقف وبجانبه أخوته مؤسسو الكيان الاتحادي الجديد وهم في فرحة عارمة. على يساره كان المؤسس الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم وكان معهم الحكام المؤسسون لدولة الاتحاد الشيخ خالد بن محمد القاسمي، والشيخ راشد بن حميد النعيمي، والشيخ أحمد بن راشد المعلا والشيخ محمد بن حمد الشرقي.

وأطلقت المدفعية في ذلك اليوم عشرين طلقة معلنة فرحة قيام الاتحاد وبعدها بثمانية وأربعين ساعة رفرف علم الإمارات على مبنى الأمم المتحدة بنيويورك؛ ولم يبق الأمر طويلاً حتى اكتمل عقد الاتحاد واكتملت الفرحة بانضمام إمارة رأس الخيمة إلى الاتحاد في العاشر من فبراير عام 1972 وأصبحت دولة الإمارات العربية المتحدة دولة اتحادية من سبع إمارات، هي الإمارات المكونة لاتحاد الدولة اليوم.

لذلك فإن ذكرى الآباء المؤسسين لدولة الإمارات العربية المتحدة يجب أن تبقى خالدة في نفوس وعقول كل إماراتي، إنهم الجيل الأول الذي أسس الاتحاد والذي جاء من بعدهم الجيل الثاني ليحمل راية الاتحاد ويكمل المسيرة، فلولاهم لما كانت هناك مسيرة أصلاً لتكتمل. فلا يمكن لنا أن ننسى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، ولا الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم.

ولا الشيخ خالد بن محمد القاسمي، ولا الشيخ صقر بن محمد القاسمي، ولا الشيخ راشد بن حميد النعيمي، ولا الشيخ أحمد بن راشد المعلا، ولا الشيخ محمد بن حمد الشرقي فهؤلاء هم الآباء المؤسسون الذين لا بد أن تظل ذكراهم باقية كلما احتفلنا بمرور عام جديد على دولة الإمارات العربية المتحدة.

جامعة الإماراتbinhuwaidin@hotmail.com

Email