ضربنا دولاب

ضربنا دولاب

ت + ت - الحجم الطبيعي

عند «شوابنا» الذين يمتلكون خبرات السنين الطويلة إعصار «جونو» ليس إلا دولاباً من دواليب الهواء والرياح.. ذكروه في أشعارهم وقصائدهم وحملته ذاكرة إسفارهم على سطوح السفن الشراعية وهم يبحرون في عرض بحر العرب ويشقون عباب المحيط الهندي.

«ضربنا دولاب في غبة الهند وانكسر سكانا لحول بنرد» كلمات أغنية تسكن وجداننا وغيرها من الأغاني والقصائد والأمثال التي تطرز الذاكرة الشعبية. كلها دلائل على أن إعصار جونو الذي زارنا سبق وان كانت له صولات وجولات مع سواحلنا الشرقية، لكن على أيام زمان كانت المنازل قليلة وكانت من سعف النخيل وطين الجبال تعبرها مياه الموج وتنزاح عنها، لهذا عرف الأولون كيفية التعامل معها، مثلما خبروا وعرفوا أساليب للتنبؤ بها.. لهم فيها مسميات ومصطلحات توارثوها على مر السنين.

مشكلتنا اليوم أننا فقدنا الكثير من خبرات الآباء ولم نستفد منها، فالذي خطط لشبكة الكهرباء وتمديدها على الساحل الشرقي لم يضع في حسبانه أن المنطقة تطل على بحر واسع مرتبط بمحيط قابل لتوليد الرياح والأعاصير والأمواج العاتية. والذي خطط عمران المنطقة الواقعة على امتداد هذا الساحل المفتوح لم يفكر في النقطة ذاتها.. فالتفكير آني ضيق الأفق لحظي لا يعتمد النظر البعيد ولا استيعاب المعطيات البيئية.

لهذا «سيح» بحر العرب مياه أمواجه مدفوعة بقوة الإعصار والريح غزت البيوت والمرافق فاحترقت كابلات الكهرباء وغرقت البيوت واختفت الشوارع الإسفلتية التي لم يدرس مهندسو المساحة ضرورة ارتفاعها عن سطح البحر.. طبيعة الساحل الشرقي واضحة وضوح الشمس لأي مخطط مساحة ولأي مهندس يوضع بين يديه مشروع من المشاريع، إذا كان هذا المخطط أو ذاك المهندس يعمل وفق معايير تصميم يضع في حساباته كامل الظروف.

وما يمكن استخلاصه من زيارة جونو ، ومن تعامل آبائنا الأولين مع الطبيعة والبيئة ومعطياتها، هو ليس فقط جاهزيتنا لاستقبال الطوارئ والمفاجآت ولا مدى جهوزية أطقم الطوارئ والعمل، بل هي النظرة الضيقة التي كثيراً ما تُكبدنا الخسائر. هي انتباهنا المتأخر أننا تخلفنا عن «كيت وكيت». في الساحل الشرقي تمر الشوارع الرئيسية الرابطة بين المناطق بمحاذاة جبال هي معرضة للانهيارات الصخرية تحت أي ظرف من الظروف، هذه واحدة من اخطر المسائل التي ما زلنا نغمض عنها العين. وربما تكون أخطر من «جونو».

كثيرة هي الأمور في الساحل الشرقي التي تحتاج إلى إعادة نظر.

mhalyan@albayan.ae

Email