5 نقاط لمعالجة أميركا مكامن عجز سياستها في سوريا

استراتيجية أوباما تشجّع التنظيمات المتشددة

الإخفاق الدبلوماسي بسوريا يعمل على تشجيع المتطرفين

ت + ت - الحجم الطبيعي

منيت المحاولة الدبلوماسية الأخيرة لإعادة الهدوء إلى سوريا وتمهيد الطريق نحو السلام بالفشل، فبعد أسبوع تخلله منع لإيصال المساعدات وانتهاكات لوقف اطلاق النار، أفادت التقارير عن قصف الطائرات الروسية قافلة مساعدات مشتركة من الأمم المتحدة والهلال الأحمر العربي السوري.

وعلى الرغم من الانتهاك الصارخ للقانون الإنساني الدولي، وقف وزير الخارجية الأميركي جون كيري في نيويورك، وقال إن «وقف إطلاق النار لم ينته»، ومضى يدعو إلى محاولة أخرى في إطار الاتفاق نفسه، الذي فشل خلال الأسبوع الذي سبقه.

لكن إخفاقا دبلوماسيا كهذا يعمل على تشجيع الجهات المتطرفة كتنظيم القاعدة، على سبيل المثال، الذي قدم نفسه عن عمد بوصفه حليفا موثوقا حيويا للمعارضة، مكرسا كل جهوده على ما يبدو لقضية تخليص سوريا من نظام الرئيس السوري بشار الأسد.

وقد آن الأوان منذ زمن للولايات المتحدة لإعادة تقييم نهجها تجاه الأزمة السورية. «داعش» و«القاعدة» هما من أعراض الصراع، فيما الصراع بحد ذاته هو أحد أعراض الإدارة الفاشلة في الأساس، وباختيارها معالجة الأعراض، تستمر واشنطن في تقليص فرصها في حل القضايا الأكبر شأناً في سوريا.

ولم يعد بإمكان الولايات المتحدة الاستمرار في محاولاتها لاحتواء تأثيرات الأزمة السورية، منذ خمس سنوات، كانت سوريا مشكلة محلية، اليوم أصبحت مشكلة دولية.

وقد تكون سوريا الآن موطناً لأكبر تركيز من المقاتلين المتطرفين، فيما العلاقة التبادلية هنا سهلة الاستيعاب: أي قصور للولايات المتحدة يقابله نجاح لتنظيم القاعدة في سوريا. فإخفاقات واشنطن المتكررة منحت المتشددين الزمان والمكان لتشكيل ديناميات الحرب في سوريا، حيث بات أي هجوم من قبل أميركا أو روسيا يؤدي إلى المزيد من تقويض نفوذ الولايات المتحدة .

وأمام هذا الوضع، ينبغي أن تنظر الولايات المتحدة في معالجة أوجه القصور في سياستها السورية، بدءاً من خمس نقاط رئيسية.

أولاً، الأسد ليس الحل لسوريا، ولا يمكن أن يكون أبداً. ولا يوجد هناك سيناريو ستقبل في إطاره أي شريحة لها وزن ضمن مجتمع المعارضة الانصياع لحكمه، وكلما طال وجود الأسد في السلطة، صب هذا الأمر أكثر في منفعة المتطرفين.

ثانياً، لن يكون هناك حل عسكري بحت للصراع السوري، بل إن تسوية عن طريق التفاوض هي السبيل المجدي الوحيد نحو تحقيق الاستقرار. ومع ذلك، لن يتعامل الأسد بأي مستوى من الجدية مع العملية السياسية حتى يوضع تحت ضغوط كبيرة، وهو الأمر الذي بذلت الولايات المتحدة حتى الآن أقصى ما في وسعها لكي تتجنبه.

وعندما يحين الوقت لتصميم تسوية تفاوضية، ينبغي أن يبقي الدبلوماسيون في أذهانهم نقطة رئيسية ثالثة: التقسيم لن يفشل فقط في إيجاد حل للصراع السوري، لكنه من المرجح أيضا أن يفاقم العوامل المحركة للصراع، وينشئ عوامل جديدة. معارضة التقسيم هي القضية الوحيدة التي توحد المجتمعات التي تؤيد الأسد وتعارضه.

رابعاً، لا يمكن محاربة تنظيم القاعدة في سوريا بالرصاص والقنابل فقط، بل إن إلحاق الهزيمة به قضية تعنى بتوفير بديل اكثر جاذبية واستدامة لخطاب الجماعة المتشددة.

وبالنظر إلى جهود التنظيم الناجحة للانغراس في المعارضة وبناء قبول شعبي به بوصفه حليفا عسكريا (وليس سياسيا)، فإن تنظيم القاعدة لا يمثل مشكلة تقليدية في مكافحة الإرهاب، وتبني وسائل تقليدية مثل الضربات الجوية سيفشل في إلحاق الهزيمة به، ويجب علينا التفوق عليه بالمنافسة.

أخيرا، على الرغم من أن «داعش» قد يكون خصما يمكن أن تحاربه الولايات المتحدة إلى حد كبير بمعزل عن الأزمة السورية الأوسع نطاقا، فإنه يبقى حركة إرهابية. إذا بقي الأسد، واستمر الصراع أو ازداد سوءاً، فإن «داعش» بلا شك سوف يحظى بفرصة أخرى للقتال.

قد يسخر المشككون باتباع نهج أكثر حزماً تجاه الأزمة السورية من منتقديهم، لكنه سيتعين علينا، في غضون ذلك، مراقبة نتائج هذا النهج الأميركي تتبلور على شاشات التلفزة، إلى اليوم الذي تصيبنا تلك النتائج في ديارنا.

تغيير السياسة

يجب أن تظل حماية المدنيين التركيز الأساسي لأي استراتيجية أميركية على نطاق واسع، لكن ينبغي إسنادها بعواقب حقيقية وملموسة على المخالفين.

وبالنظر إلى سجل الولايات المتحدة لخمس سنوات مضت، فإن نظام الأسد يعلم جيداً تردد واشنطن في التهديد باستخدامها لأي شيء يقرب من القوة، وقد حصدت دمشق مراراً ثمار هذا الموقف العاجز. إذا كانت الولايات المتحدة تأمل في تطوير سياسة سورية فعّالة، فإنه يجب تغيير ذلك على وجه السرعة.

Email