اضطرابات الشرق الأوسط من غير المرجح أن تعزز طموحات الأكراد

التطورات الأخيرة نقطة تحوّل في الصراع السوري

التوغل التركي نقطة تحول بالنسبة لسوريا والأكراد

ت + ت - الحجم الطبيعي

قد يكون من باب التسرع، وسط القتال الدائر في شمال سوريا حالياً، الاستنتاج أن التطورات البارزة الأخيرة، كتوغل تركيا الحقيقي الأول في سوريا أو توثيق تحالف روسيا مع إيران، هي متغيرات في قواعد اللعبة في حرب أهلية امتدت لأكثر من خمس سنوات، غير أن هذه التطورات قد تكون نقطة تحول بالنسبة لسوريا وأكراد المنطقة.

كانت السنتان الماضيتان، وما شهدتاه من قيام المقاتلين الأكراد السوريين بفك حصار «داعش» عن بلدة عين العرب، واستعادتهم لأراضٍ من المتشددين العابرين للحدود في أماكن أخرى في سوريا والعراق، لحظة نادرة تحت شمس مشرقة بالنسبة للأكراد. فتفتيت سوريا في أعقاب تفكك العراق بحكم الأمر الواقع، إثر الغزو الذي قادته أميركا في عام 2003، كان قد قدم لهذا الشعب المتناثر الذي ليست لديه دولة، إمكانية إقامة دولة، وهذه الفرصة قد تنزلق من أيديهم اليوم، إذ يبدوا أنهم راهنوا على تفاؤل في غير مكانه، وبالغوا فخسروا تعاطف من كان يمكنه إنقاذهم.

كان الأكراد قد استجمعوا قوتهم، في الوقت الذي كان تنظيم «داعش» قد أحكم سيطرته على الموصل في منتصف 2014. في سوريا، عزز الانهيار التدريجي للدولة الميليشيات الكردية لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي ومكّنهم من الاستيلاء على مساحات من الأراضي في شمال شرقي البلاد، كما منح انهيار الدولة الموحدة في العراق حكومة إقليم كردستان التي تتمتع بحكم ذاتي في الشمال العديد من سمات الاستقلال. وفي تركيا، حصل السياسيون الأكراد في جنوب شرقي البلاد على قدر من الحكم الذاتي، خلال وقف إطلاق النار بين القوات الأمنية التركية وحزب العمال الكردستاني.

أجراس الخطر

لكن أجراس الإنذار بدأت تدق في أنقرة، بعد أن أدى بروز «داعش» إلى منح المقاتلين الأكراد في سوريا والعراق الشرعية جراء صدهم للمتشددين. فشرع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في التراجع، وهو الذي سعى إلى الصلح مع الأكراد في محاولة لإنهاء تمرد حزب العمال الكردستاني الذي دام 30 عاماً. وفي أعقاب الاختراق الانتخابي الذي أحرزه حزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للأكراد في الانتخابات العامة في يونيو 2015، بدأ في التعامل مع هذا الحزب باعتباره واجهة لحزب العمال الكردستاني.

الصيف الماضي استؤنفت أعمال القتال بين قوات الأمن التركية وحزب العمال الكردستاني، بعد سلسلة من الهجمات من جانب تنظيم «داعش» على أهداف تركية.

بدت حظوظ الأكراد مستمرة، لكن حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي في سوريا اتخذ من موسكو في أعقاب إسقاط تركيا طائرة لسلاح الجو الروسي في نوفمبر الماضي، الراعي المؤقت له لفترة طويلة جداً، حيث إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كان يتمنى معاقبة صديقه السابق أردوغان. وقد يكون حزب العمال الكردستاني وحزب الاتحاد الديمقراطي بالغا في الأهداف مجدداً، في الوقت الذي كان الصراع السوري يغيّر شكله مرة أخرى.

تغيير في الصراع

وقد استفزت الميليشيات الكردية في سوريا تركيا من خلال نقل قواتها إلى غرب نهر الفرات، وقد وجهت تلك الميليشيات ضربة لـ «داعش» في شمال غرب سوريا، ساعية في الوقت نفسه لربط أراضيها الشرقية بالإقليم الكردي الغربي في عفرين.

وفي غضون ذلك، كان الرئيس الروسي بوتين والرئيس التركي أردوغان قد تصالحا. فشنت تركيا هجوماً مدعوماً من الولايات المتحدة عبر حدودها ضد مدينة جرابلس التي يسيطر عليها «داعش»، وأمرت واشنطن حلفاءها الأكراد السوريين بالتراجع شرقاً عبر نهر الفرات.

لا شيء من هذا سيدفع على الأرجح بطموح الأكراد في الخروج من الاضطرابات الإقليمية، وقد عززوا حريتهم واستقلالهم. فقد تخلت روسيا عن حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي في سوريا، والولايات المتحدة تميل مجدداً إلى تركيا، في الوقت الذي يستعرض أردوغان علاقاته مع روسيا وإيران. وبينما كل هذا قد يكون مؤقتاً وعرضياً، فإنه يلزم أكثر قليلاً من ذلك لتبديد آمال الأكراد.

تصعيد عسكري

اتهم حزب العمال الكردستاني وحزب الشعوب الديمقراطي التركي أنقرة بالتواطؤ مع المتشددين. وقد حاول الأول فرض الحكم الكردي في جنوب شرق تركيا.

وفيما لعب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بورقة القومية التركية، تبين أن قادة حزب العمال الكردستاني في شمال العراق يستخدمون وقف إطلاق النار لتدريب ميليشيات على حرب المدن .

وسوف تعرض الاشتباكات الدائرة بين متمردين مدعومين من تركيا وقوات يقودها الأكراد للخطر أهداف واشنطن العسكرية.

Email