قمة كامب ديفيد في واشنطن لم تحقق للعرب إنجازاً يذكر

ظلال من الشك على السياسة الأميركية في المنطقة

ت + ت - الحجم الطبيعي

عندما بدأ عمرو موسى الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية، الحديث عن تعرض العالم العربي للإذلال من قبل دول ثلاث وهي إيران وإسرائيل وتركيا، بسبب الطريقة التي انتهجتها تلك الدول »للهيمنة« على العرب والاستهانة بقدراتهم، تساءل الكثيرون عما يعنيه بذلك.

وقد ركز رده على إيران، وكان هذا بحد ذاته أمراً مثيراً للاهتمام، وقال إن الخطاب الصادر عن طهران، والذي تدعو فيه إلى إثارة العنف في عواصم عربية عدة، بما فيها دمشق وبغداد وصنعاء، أثار غضب الكثيرين، واصفاً العرب بأنهم لا حول لهم ولا قوة من حيث أن أي قوة إقليمية قد تتجرأ عليهم.

وبحسب قوله، فإن إيران تركز بشكل أكبر على الغضب العربي والقلق من قوة إسرائيل، وهي الدولة التي انحازت إليها كثير من الدول من دون أن تفصح عن مآربها.

وبالحديث عن كامب ديفيد، ومحاولة الرئيس باراك أوباما طمأنة من يستطيع من قادة دول الخليج العربي، قال وزير الخارجية الأميركي جون كيري: »يتعين فعل شيئين في الوقت ذاته، التوصل إلى قرار بشأن الصفقة النووية مع إيران والاستفادة من كرم حلفائها من السنة، الذين بات نفطهم ذا أهمية استراتيجية أقل بالنسبة إلى أميركا وسط طفرة أسعار النفط«.

ما تدعيه أميركا من إمكانية عمل أكثر من أمر واحد أمر يصعب تصديقه، لأن تكريم العرب ومحاولة إذلالهم في الوقت نفسه، أمران يدخلان في المعادلة، وهذا هو سبب عدم مشاركة الملك سلمان بن عبدالعزيز في قمة كامب ديفيد في واشنطن، والتي لم تحقق لهم سوى بذل الوعود.

يبدو العرب في خضم استيقاظ، بعد أن عبروا عن شعورهم بالغضب، وأنهم مقتنعون بأن أطماع إيران الإقليمية ذات الطابع الإمبراطوري بالمنطقة ستُعزز باتفاق نووي في نهاية المطاف، وهذا من شأنه أن يحدث تقارباً بين طهران وواشنطن، وتقديم سيولة مادية غير متوقعة لإيران بعد إعفائها من العقوبات.

وفي ما يتعلق بمطالبة أوباما بالضغط على إيران وتردده في الاستجابة لذلك، نستعرض العوامل التالية:

أولاً: إيران وصلت إلى ما هي عليه اليوم في الشرق الأوسط من دون امتلاكها أي صفقة نووية، ولم تكن مقيدة من قبل أي من القوى العظمى التي حاولت بدلاً من ذلك ضمها إلى الشرعية الدولية، وأتاحت لها توسيع برنامجها النووي بشكل كبير. والسؤال هو: أيهما أكثر تهديداً للعالم العربي، إيران مسلحة نووياً أم دولة ذات برنامج نووي مقنن ومراقب بشكل مكثف؟

شعور بالهوان

ثانياً: الشعور بالهوان والإذلال في العالم العربي يولد من الداخل بقدر ما يتأتى من الخارج، ومثل أي قوة أخرى في العالم، فإن العرب يشرفون على مصيرهم بأنفسهم. فملايين الشباب العرب انتفضوا قبل سنوات مضت للمطالبة بفرصة لهم وتمكينهم، ولاتزال هذه الآمال معقودة خارج تونس على الأقل، فلا التفجير في اليمن ولا إدانة إيران أو خطبها العصماء ضد إسرائيل ستوازي خيبة الأمل.

ثالثاً: الجنرال الإصلاحي قاسم سليماني قائد الحرس الثوري الإيراني، عقد العزم على تجديد جهود الرئيس حسن روحاني بتعزيز العلاقات مع الغرب، وللآن فإن الزعماء الإيرانيين بالكاد في حالة توازن، فكل منهم يحتاج الآخر لتعزيز مركزه. ويتعين معرفة من سيتعزز مركزه بمرور الوقت عقب الاتفاق النووي.

رابعاً: إيران تعد قوة عظمى في الشرق الأوسط، وتبذل الدول العربية جهوداً كبيرة على المدى القصير في المحافظة على الوضع القائم حالياً، والذي يصور إيران دولة مارقة، ويترك ولاءات أميركا دون تغيير، وفي الحقيقة يجب أن تتمثل مصلحة الدول العربية الفعلية في جعل إيران ترضخ للشرعية الدولية، وتقيد باتفاقات مع الدول العظمى، وتستفيد من التعاون الاقتصادي الإقليمي في إجراء إصلاحات بدعم شبابها.

 

تعريف الجنون

إن تعريف آينشتاين للجنون بأنه تكرار فعل الشيء ذاته مرات ومرات وتوقع نتائج مختلفة، يحتاج إلى إضافة، فالجنون هو تكرار فعل الشيء ذاته في الشرق الأوسط وتوقع مخرجات مختلفة.

وأوباما هو نوع الرجال القادرين على فعل أكثر من شيء في الوقت عينه، وهناك مخاطر تواجه الصفقة النووية الإيرانية، إلا أن المخاطرة في عدم إبرام صفقة نووية تبدو أكبر.

Email