ترامب في الرياض.. 3 قمم تغيّر المشهد الإقليمي

ت + ت - الحجم الطبيعي

ربما أمكننا اعتبار زيارة وزير الخارجية الأميركي الأسبق هنري كيسنجر للرئيس دونالد ترامب قبل القمة العربية الإسلامية الأميركية في الرياض، مؤشّراً على أهمية هذه القمة بخاصة، وجولة ترامب في المنطقة بعامّة، وعلى مدى العودة الأميركية للمنطقة بعد بضع سنوات من التحفّظ والتراجع.

وليس أدل على هذا التعويل على هذه الزيارة التي تبدأ اليوم من كونها الأولى تاريخياً لرئيس أميركي إلى دولة عربية أو إسلامية في أول زيارة خارجية له، وهي بذلك تكسر تقليداً في بدء الزيارات الخارجية بكندا والمكسيك الحدوديتين.

الموقع الإلكتروني الرسمي للقمة العربية الإسلامية الأميركية، الذي دشنته السعودية أخيراً، قال عن القمم الثلاث في الرياض، الأميركية السعودية، الأميركية الخليجية، الأميركية الإسلامية: «48 ساعة حوار تؤدي إلى تغيير قواعد اللعبة»، في رسالة موجهة إلى إيران على ما يبدو. ويرى مراقبون أن أحد أبرز محاور قمم ترامب في المملكة سيكون مواجهة «تدخلات إيران» في شؤون المنطقة.

وبالإضافة إلى لقاء خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز سيُجري ترامب مباحثات أوسع نطاقاً مع قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وأيضاً مع زعماء قرابة عشرين دولة عربية وإسلامية أخرى.

وتتوقّع مصادر أن يعلن ترامب خلال جولته عن مبيعات كبرى للأسلحة للمملكة، وإجراء مباحثات حول ملفات ملتهبة مثل اليمن وسوريا والعراق، إلى جانب المخاوف بشأن الأنشطة الإيرانية في المنطقة.

شراكة جديدة

وفي السياق يمكن إيراد ما أدلى به خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، إذ اعتبر أن القمة العربية الإسلامية الأميركية تؤسس لشراكة جديدة في مواجهة الإرهاب ونشر قيم التسامح والتعايش المشترك، فضلاً عن إسهامها المتوقّع في تعزيز وتوطيد العلاقات الاستراتيجية بين المملكة والولايات المتحدة، ما يعزز الأمن والاستقرار العالميين في ظل تحديات وأوضاع دقيقة يمر بها العالم.

كما أن عادل الجبير وزير الخارجية السعودي تحدّث عن أهمية زيارة الرئيس الأميركي المرتقبة للمملكة، والقمم التي ستعقد في الرياض، ووصفها بـ«التاريخية»، إذ من المتوقع مشاركة 37 من قادة الدول و6 من رؤساء الحكومات في القمة، ما يعني أن القمة الإسلامية الأميركية المرتقبة مؤشر واضح للبدء بحوار إيجابي في العلاقات الإسلامية الأميركية.

ومع استعداد الرئيس الأميركي للقيام بأول جولة خارجية له، ترسل إدارته إشارات واضحة فحواها أن الولايات المتحدة لا تعتزم السير بمفردها على الساحة الدولية.

ويمكن الاستشهاد بما قاله هربرت ماكماستر مستشار الرئيس الأميركي للأمن القومي قبل بضعة أيام، إن شعار «أميركا أولاً، لا يعني مطلقاً أن تسير أميركا بمفردها»، وأن هذه الجولة تستهدف إعادة تأكيد، أو استعادة الزعامة الأميركية على الصعيد العالمي، وبناء علاقات مع زعماء العالم.

مقياس حاسم

وتنقل وكالة الأنباء الألمانية عن روبرت دانين الباحث بمجلس العلاقات الخارجية ان صورة ترامب على المسرح العالمي ستكون في المقام الأول مقياساً حاسماً لنجاح الجولة، معتبراً أن هذه الجولة تمثل رسالة في حد ذاتها، ونجاحها يعني أن ترامب سيمسك بعجلة القيادة على الساحة العالمية.

ويوضح إليون أبرامز الباحث بمجلس العلاقات الخارجية أنه «من اللافت للنظر أن ترامب أوضح خلال حملته الانتخابية أنه يسعى للخروج من الحروب الدائرة في منطقة الشرق الأوسط الكبير، ومع ذلك يستهل جولته الخارجية بزيارة هذه المنطقة».

مجلة «نيوزويك» الأميركية، أوضحت أن هناك مطالبات عدة ستطرحها الإدارة السعودية على نظيرتها الأميركية، أهمّها إعادة فرض العقوبات على النظام الإيراني التي سبق وأن رفعها أوباما، حيث إن الرئيس الأميركي يتبنى خطاباً حازماً تجاه طهران منذ ما قبل وصوله إلى البيت الأبيض، وتتطلّع المملكة إلى سياسات من شأنها احتواء الخطر الإيراني.

وتضيف الصحيفة: تسعى المملكة العربية السعودية كذلك إلى إقناع الولايات المتحدة بضرورة وضع الجماعات الموالية لطهران، والتي تشتغل لصالح النظام الإيراني في مختلف دول المنطقة، في قائمة التنظيمات الإرهابية، من بينها الميليشيات التي تنشط في العراق ولبنان واليمن وغيرها، إضافة إلى جماعة «الإخوان».

اعانه أميركية

وعلى الرغم من أن الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما كان داعماً للحرب التي يقودها التحالف العربي، تحت قيادة المملكة العربية السعودية على الميليشيات الحوثية في اليمن، إلا أن هذه المساندة هبطت إلى حد كبير بعد ذلك، وبالتالي فإن المساندة الأميركية ستكون أحد أهم القضايا التي يطرحها مسؤولو المملكة خلال محادثاتهم مع الرئيس الأميركي.

الصحيفة رأت كذلك أن السعودية ستطالب بتبادل الخبرات بالمجال العسكري مع أميركا، فالإدارة الأميركية كشفت قبولها عقد عدد من الصفقات العسكرية مع المملكة، ستصل قيمتها إلى حوالي 300 مليار دولار، خـلال السنوات العشر المقبلة، إلا أن ذلك ربما لا يكفي في ضوء سعي المملكة للاعتماد على نفسها في مجال الصناعات العسكرية، حيث كشفت افتتاح شركة وطنية جديدة للصناعات العسكرية، وهو ما قد يتطلب تبادل الخبرات في هذا المجال.

استعدادات

استعدت العاصمة السعودية لاستقبال ترامب و«الحدث التاريخي»، وانتشرت في شوارع الرياض الأعلام السعودية والأميركية وصور الملك سلمان وترامب، بالإضافة إلى صور وأعلام الدول الإسلامية المشاركة في القمم المزمع عقدها. كما تشهد الرياض حالة من التدبيرات الأمنية القوية.

أولى القمم، التي ستستضيفها السعودية، ستكون قمة سعودية أميركية بين الملك سلمان وترامب، وذلك يوم 20 مايو. وفي اليوم التالي 21 مايو، ستعقد 3 قمم، قمة تشاورية خليجية (يشارك فيها قادة دول الخليج)، وقمة خليجية أميركية (ترامب وقادة الخليج)، وقمة عربية إسلامية أميركية تحت شعار «العزم يجمعنا».

ترامب في اجتماع «الناتو».. شروط الاستمرار

من المتوقع أن تُحدث مشاركة الرئيس الأميركي دونالد ترامب في قمة حلف الناتو التي ستستضيفها بروكسل في 25 مايو الحالي تغييراً شاملاً، حيث غيّر الرئيس الأميركي موقفه إزاء التحالف العسكري الأميركي الأوروبي، بإعلانه الشهر الماضي أن الناتو «لم يعد حلفاً عفا عليه الزمن».

الأسبوع الماضي، هدد الرئيس الأميركي بالانسحاب من الحلف في حال لم يحقق «تقدماً كافياً»، بالرغم من أن مسؤولاً بارزاً في البيت الأبيض استدرك بالقول إن «الرئيس ترامب يريد البقاء في حلف شمال الأطلسي في الوقت الحالي، لكنه سينظر في الانسحاب إذا لم يحقق تقدماً كافياً بشكل أسرع كثيراً».

ومن المتوقع أن يواصل ترامب، في اجتماع لقادة الناتو في بروكسل يوم 25 مايو، الضغط على الدول الأعضاء لتعزيز إنفاقهم الدفاعي، والوفاء أيضاً بالتزامات إنفاق 2% من إجمالي الناتج المحلي على ميزانيات الدفاع.

تحالف ضد «داعش»

ومن المتوقع أن يتخذ هذا التحالف العسكري قراراً قبيل انعقاد قمة بروكسل بشأن الانضمام أو عدم الانضمام إلى تحالف عسكري ضد تنظيم داعش الإرهابي، حتى على الرغم من أن جميع الدول الأعضاء في الناتو، البالغ عددها 28 دولة، تشارك بالفعل بشكل فردي في العمليات العسكرية ضد «داعش». وليس من المتوقع أن يتخذ زعماء الناتو أي قرارات كبرى أثناء القمة.

اجتماع شخصي

ويقول جورج بينيتز، الباحث في شؤون الناتو في مركز أبحاث «مجلس الأطلسي»، إن قمة الناتو «تعد اجتماعاً مهماً على المستوى الشخصي، وليس على مستوى السياسات».

وبالمثل من المتوقع أن يركز ترامب على بناء العلاقات في قمة مجموعة الدول الصناعية السبع التي ستستضيفها مدينة صقلية الإيطالية، حيث سيصبح واحداً من أربعة زعماء جدد بالمجموعة منذ الاجتماع الأخير لزعمائها في اليابان منذ عام، والزعماء الثلاثة الجدد الآخرون هم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيسة الوزراء البريطانية تريزا ماي، ورئيس الوزراء الإيطالي جنتيلوني.

ومن المتوقع أن تُحدث مشاركة ترامب في هذه القمة الصناعية تغييراً كبيراً، خاصة فيما يتعلق بالتجارة، حيث ابتعد عن اتفاقيات التجارة الدولية، كما من المتوقع أن يطالب حلفاء الولايات المتحدة بتقديم المساعدة في القضايا المتعلقة بكوريا الشمالية وأفغانستان والشرق الأوسط.

ومن المقرر أن يزور ترامب الفاتيكان للقاء البابا فرنسيس، الذي أعرب عن خلافه مع الرئيس الأميركي في موقفه من اللاجئين والمهاجرين.

Email